في فراشه ، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه (١).
النبي يأخذ عليا إلى بيته
وإذ كان الله تعالى يريد لولي دينه أن ينشأ نشأة صالحة وأن يأخذ النبي عليا إلى بيته وأن يقع منذ نعومة أظفاره تحت تربية النبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ألفت نظر نبيه إلى ذلك. فقد ذكر المؤرخون أنه أصابت مكة ـ ذات سنة ـ أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة ، وكان أبو طالب ـ رضي الله عنه ـ ذا مال يسير وعيال كثير فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والضائقة والجهد والفاقة : فعند ذلك دعا رسول الله عمه العباس إلى أن يتكفل كل واحد منهما واحدا من أبناء أبي طالب وكان العباس ذا مال وثروة وجدة فوافقه العباس على ذلك :
فأخذ النبي عليا ، وأخذ العباس جعفرا وتكفل أمره ، وتولى شؤونه (٢).
وهكذا وللمرة الاخرى أصبح علي ـ عليهالسلام ـ في حوزة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بصورة كاملة واستطاع بهذه المرافقة الكاملة أن يقتطف من ثمار أخلاقه العالية وسجاياه النبيلة ، الشئ الكثير ، وأن يصل تحت رعاية النبي وعنايته وبتوجيهه وقيادته ، إلى أعلى ذروة من ذرى الكمال الروحي.
وهذا هو الامام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ يشير إلى تلك الايام القيمة وإلى تلك الرعاية النبوية المباركة المستمرة إذ يقول :
«ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل اثر أمه ، يرفع لي كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به» (٣).
__________________
(١) نهج البلاغة ـ شرح عبده ـ ٢ / ١٨٢ الخطبة القاصعة.
(٢) بحار الانوار ٣٥ / ٤٤ ، وسيرة ابن هشام ١ / ٢٤٦.
(٣) نهج البلاغة شرح عبده ٢ / ١٨٢.