الأمثلة منه ولم يجعل كلّا من الأمثلة صيغة موضوعة برأسها لأنّ هذا ادخل في المناسبة واقرب الى الضّبط واختار الاصل الواحد على المصدر ليصحّ على المذهبين ، فإنّ الكوفيّين يجعلون المصدر مشتقّاً من الفعل فالاصل الواحد عندهم هو الفعل والعمدة في استدلالهم أنّ المصدر يعلّ بإعلال الفعل فهو فرع الفعل وأجيب عنه بأنّه لا يلزم من فرعيّته في الإعلال فرعيّته في الإشتقاق كما أن ، نحو : تَعِدُ واَعِدُ ونَعِدُ فرع يَعد في الإعلال مع أنّه ليس بمشتقّ منه ، وتاخّر الفعل عن نفس المصدر في الإشتقاق لا ينافي كون إعلال المصدر متاخراً عن إعلال الفعل ، فتأمّل.
واعلم : أنّ مرادنا بالمصدر هو المصدر المجرد لأنَّ المزيد فيه مشتقّ منه لموافقته إيّاه بحروفه ومعناه ، فإن قلت : نحن نجد بعض الأمثلة مشتقّاً من الفعل ، كالامر واسم الفاعل والمفعول ونحوها ، قلت : مرجع الجميع الى المصدر فالكلّ مشتقّ منه إمّا بواسطة أو بلا واسطة ، ويجوز أن يقال : اختار المصنّف الاصل الواحد على المصدر ليكون اعمّ من المصدر وغيره ، فيشتمل على تحويل الاسم الى المثنّىٰ والمجموع والمصغّر والمنسوب ونحو ذلك ، وهذا اقرب الى الضّبط فإن قلت : لِمَ اختار التصريف على الصّرف مَعَ أنّه بمعناه ، قلت : لأنّ في هذا العلم تصرّفات كثيرة فاختير لفظ يدلّ على المبالغة والتكثير فهذا أوان نرجع الى المقصود ، فنقول معلوم أنّ الكلمات ثلاث : اسم وفعل وحرف ، ولمّا كان بحثه عن الفعل وما يشتقّ منه شرع في بيان تقسيمه الى ماله من الأقسام.
فقال [ ثمّ
الفعل ] بكسر الفاء : لأنّه اسم لكلمة مخصوصة وأمّا بالفتح فمصدر فَعَل يَفْعَل [ إمّا ثلاثيّ وإمّا رباعيّ ] لأنه لا يخلو من أن يكون حروفه الأصلية ثلاثة أو اربعة ، فالأوّل الثلاثي ، والثاني الرباعي إذ لم يُبْنَ منه الخماسيّ ولا الثنائي بشهادة التّتبّع والاستقراء وللمحافظة على