الذي لم يكن قد فصل فيه تماماً المركز السياسي الأعلى عن المقامات العسكرية.
( والأخرى ) : ان جهاده الرائع تكشف عن اخلاص أروع لا يعرف الشك إليه سبيلاً وجذوة مضطرمة بحرارة الإيمان لا يجد الخمود إليها طريقاً. وهذه الجذوة المتقدة أبداً وذلك الإخلاص الفياض دائماً هما الشرطان الاساسيان للزعيم الذي توكل إليه الأمة حراسة معنوياتها الغالية وحماية شرفها في التاريخ.
اقرأ حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتاريخ الجهاد النبوي فسوف ترى انّ علياً هو الذي أدهش الأرض والسماء بمواساته (١) وان الصدّيق (رض) هو الذي التجأ إلى مركز القيادة العليا الذي كان محاطاً
__________________
(١) أخرج الطبري في تاريخه عن ابن رافع : لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الالوية أبصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جماعة من مشركي قريش فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليه ففرق جمعهم وقتل عمرو بن عبدا الجمحي ، قال : ثم أبصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جماعة من مشركي قريش فقال لعلي احمل عليهم ، فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك ، فقال جبرئيل : يا رسول الله ان هذا للمواساة ، فقال رسول الله (ص) : انّه مني وأنا منه ، فقال جبرائيل : وانا منكما ، قال : فسمعوا صوتاً :
لا سيف إلا ذو
الفقار |
|
ولا فتى إلا علي |
ولنتأمل جواب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لنلاحظ كيف انّه ارتفع بعلي عن مفهوم المواساة الذي يقضي بتعدد محمّد وعلي إلى مفهوم الوحدة والامتزاج فقال : انّه مني وأنا منه ولم يرض بأن يفصل الإمام عن شخصه لأنهما وحدة لا تتجزأ ضربها الله مثلاً أعلى تأتم بها الإنسانية ويهتدي على ضوئها الابطال والمصلحون في معارج السمو والارتقاء ، وأنا لا أدري كيف حاول الصحابة أو بعض الصحابة أن يفككوا عرى هذه الوحدة ويضعوا بين البطلين أشخاصاً ثلاثة كان من الجدير أن لا يفصلوا بهم بين محمّد وبين من هو من محمّد (ص).