للغزو (١) ومرة أخرى في هزيمته يوم خيبر حينما بعثه رسول الله (ص) لاحتلال الوكر اليهودي على رأس جيش فرجع فاراً ثم أرسل الفاروق ( رضي الله تعال عنه ) واذا به من طراز صاحبه (٢) حيث تبخرت في ذلك الموقف الرهيب حماسة عمر وبطولته الرائعة في أيّام السلم التي اعتز بها الإسلام يوم اسلم كما يقولون ورجع عمر مع اصحابه يجبنهم ويجبنونه (٣) فقال رسول الله (ص) انّي دافع الراية غداً لرجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له (٤) ويشعر كلامه هذا بتعريض بليغ يدغدغ به مشاعر القائدين الفاشلين واعتزاز بعليه العظيم الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله (٥).
يا خليفتي المسلمين ـ أو بعض المسلمين ـ رضي الله تعالى عنكما أهكذا كان نبيكما الذي قمتما مقامه ؟ ألم تتلقيا عنه دروسه الفذة في الجهاد والمعاناة في سبيل الله ؟ ألم يكن في صحبتكما له طوال عقدين حاجز يحجز عن ذلك ؟ ألم تستمعا إلى القرآن الذي اسندت اليكما حراسته والتوفر على نشر مثله العليا في المعمورة وهو يقول : ـ
__________________
(١) فقد جاء في عدة من المصادر انّ عمر وأبا بكر كانا فيمن جنده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للحرب تحت راية اسامة منها في السيرة الحلبية ج ٣.
(٢) راجع مسند أحمد ج ٥ ص ٢٥٣ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٢٧ وكنز العمال ج ٦ ص ٣٩٤.
(٣) هذا تصوير علوي رائع للقائد الفاشل والجنود المتخاذلين وقد اطلع كل منهما على ضعف الآخر فأخذ يهول الموقف ليجد له من ذلك عذراً في الفرار.
(٤) صحيح البخاري ج ٥ ص ١٨ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٥٣.
(٥) واكبر الظن انّ الجيش الذي سار الإمام على رأسه لاحتلال المستعمرة اليهودية هو الجيش الذي فر بالأمس ونفهم من هذا مدى تأثير القائد على جيشه وتكهرب الجيش بمشاعره فان علياً استطاع أن يجعل من اولئك الجنود الذي كانوا يجبنون الفاروق في الحملة السابقة أبطالاً فاتحين بما سكب في أرواحهم من روحه العظيمة المتدفقة بالحماس والإخلاص.