فقال «ذو» بالإفراد حملا على اللفظ ، ولو كان مثنى لفظا ومعنى لقال «ذوا» وقال الآخر :
[٢٧٦] كلا أخويكم كان فرعا دعامة |
|
ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقصا |
فقال «كان» بالإفراد حملا على اللفظ ، ولم يقل «كانا» وقال الآخر :
أكاشره وأعلم أن كلانا |
|
على ما ساء صاحبه حريص [١٢٢] |
فقال «حريص» بالإفراد ولم يقل «حريصان» وقال الآخر :
[٢٧٧] [١٨٤]كلانا يا يزيد يحبّ ليلى |
|
بفيّ وفيك من ليلى التّراب |
فقال «يحبّ» بالإفراد على ما بيّنا. وقال الآخر :
[٢٧٨] كلا ثقلينا واثق بغنيمة |
|
وقد قدر الرّحمن ما هو قادر |
______________________________________________________
[٢٧٦] أنشد ابن منظور صدر هذا البيت (ك ل ا) ونسبه إلى الأعشى ، ولكنه رواه «كلا أبويكم» كما في الديوان (١٠٩) وأصل الفرع ـ بفتح الفاء وسكون الراء ـ القوس يكون خير القسي ومنه قالوا : فرع فلان فلانا ، أي فاقه ، وقالوا : فرع فلان القوم ، وتفرعهم : أي فاقهم وعلاهم ، والدعامة ـ بكسر الدال وتخفيف العين ـ سيد القوم ورئيسهم ، وقالوا : فلان دعامة عشيرته ، يريدون أنه سيدها ، والاستشهاد بهذا البيت هنا في قوله «كلا أخويكم كان فرعا» حيث أعاد الضمير من «كان» على «كلا» وهو ضمير المفرد الغائب ، فدل على أن في «كلا أخويكم» جهة إفراد ، وهي جهة اللفظ ، على نحو ما بيّناه في شرح الشاهد السابق.
[٢٧٧] هذا البيت لمزاحم بن الحارث العقيلي ، وكان يحب ليلى بنت مهدي صاحبة قيس بن معاذ المعروف بمجنون ليلى ، وصحة رواية البيت مع بيتين يليانه هكذا :
كلانا يا معاذ يحب ليلى |
|
بفي وفيك من ليلى التراب |
شركتك في هوى من كان حظي |
|
وحظك من مودتها العذاب |
لقد خبلت فؤادك ثم ثنت |
|
بقلبي ؛ فهو مخبول مصاب |
ومعاذ : هو معاذ بن كليب العامري ، كان مجنونا من مجانين ليلى ، وكان مزاحم قد شركه في حبها ، ويقال : إنه لما سمع هذه الأبيات من مزاحم التبس وخولط في عقله وقوله «بفي وفيك من ليلى التراب» دعاء على نفسه وعلى صاحبه بأن يرجع كل منهما من حب ليلى بالخيبة من غير أن ينال حظا من مودتها. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله «كلانا يحب ليلى» حيث أعاد الضمير من «يحب» مفردا إلى «كلانا» فدل ذلك على أن لكلا جهة إفراد ، وهي جهة اللفظ ، على نحو ما قررناه في الشاهد ٢٧٥ ، ونظير هذا البيت في الإخبار عن كلا بالمفرد قول ليلى العامرية :
كلانا مظهر للناس بغضا |
|
وكل عند صاحبه مكين |
فقال «كلانا مظهر» فأخبر بالمفرد الذي هو «مظهر» عن «كلا» فهذا يدل على أن «كلا» مفرد لفظا ؛ لأن معناها مثنى بالإجماع.
[٢٧٨] هذا البيت من كلام إياس بن مالك بن عبد الله المعني ، وبعده قوله :
فلم أر يوما كان أكثر سالبا |
|
ومستلبا سرباله لا يناكر |