فأكّد «حول» وهو نكرة بقوله «كله» ؛ فدل على جوازه.
وقال الآخر :
[٢٨٥] إذا القعود كرّ فيها حفدا |
|
يوما جديدا كلّه مطرّدا |
فأكد «يوما» وهو نكرة بقوله «كله».
وقال الآخر :
[٢٨٦] زحرت به ليلة كلّها |
|
فجئت به مؤيدا خنفقيقا |
______________________________________________________
الألفية تبعا لوالده «يا ليت عدة شهر» وقال ابن هشام ـ وتبعه الشيخ خالد ـ إن ذلك تحريف ؛ لأنه لا يتصوّر أن يتمنى أحد أن يكون الشهر كله رجبا ؛ فإن الشهر الواحد لا يكون بعضه رجبا وبعضه غير رجب حتى يتمنى أن يكون كله رجبا ، ولكن الشاعر يتمنى أن تكون شهوره كلها رجبا. والاستشهاد بالبيت ههنا في قوله «حول كله» حيث جر «كله» على التوكيد لحول ، ولا شك أن كلمة «حول» نكرة محدودة أي أنها ذات أول وآخر معروفان ، فيكون فيه دليل على جواز توكيد النكرة المحدودة ، والرواية على هذا بتنوين «حول» وجر «كله» وقد رد ابن يعيش الاستدلال بهذا البيت وزعم أن الرواية بجر «حول» من غير تنوين على أن كلمة «حول» مضاف و «كله» مضاف إليه ، وذلك تمحل بعيد ، والذي نرجحه أن كلام ابن يعيش هذا محرف عما ذكره المؤلف من أن الرواية عندهم «يا ليت عدة حولي» بإضافة حول إلى ياء المتكلم ، وهو أيضا تمحّل ، ولكنه أقرب مما وقع في شرح المفصّل.
ونظير هذا البيت ـ في توكيد النكرة المحدودة بلفظ يدل على الشمول والإحاطة ـ قول العرجي وهو من شواهد مغني اللبيب :
نلبث حولا كاملا كله |
|
لا نلتقي إلا على منهج |
[٢٨٥] هذا البيت من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل (ص ٣٦٤) وقد أنشده ابن منظور (ط ر د) ولم يعزه أحدهما. والقعود ـ بفتح القاف ـ البكر من الإبل حين يركب ، أي يمكن ظهره من الركوب ، وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان ، والناقة قلوص ، وحفد : فعل ماض معناه خف في العمل وأسرع ، وقال الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسرعت |
|
بأكفهن أزمّة الأجمال |
واليوم المطرّد : الطويل ، ويقال : الكامل التام ، تقول : مرّ بنا يوم طريد ، وطراد ومطرد ، كله بمعنى الطويل ، ومحل الاستشهاد بالبيت ههنا قوله «يوما جديدا كله» حيث أكد قوله «يوما» ـ وهو نكرة محدودة ـ بقوله «كله» فذلك يدل على أن العرب تستجيز تأكيد النكرة المحدودة بألفاظ التوكيد المعارف ، وهذا ظاهر إن شاء الله.
[٢٨٦] هذا البيت من كلام شييم بن خويلد ، وقد أنشده ابن منظور (خ فـ ق) رابع أربعة أبيات ، وقبله :
قلت لسيدنا : يا حك |
|
يم إنك لم تأس أسوا رفيقا |