بمصرعنا النعمان يوم تألبت |
علينا تميم من شظى وصميم |
ومع ذلك فإن ابن منظور يروي البيت مفردا في مادة (هبا) وضبط برفع القافية (عقيم) فإن صحت رواية الرفع فإن تخريجها يكون سهلا. وهو أن تكون «عقيم» فاعل «دعته» أي : دعته عقيم إلى هابي التراب. والعقيم : الحرب. [شرح المفصل ج ٣ / ١٢٨ والهمع ج ١ / ٤٠. واللسان ـ صرع ، وهبا ، وشظى]. قال في مادة «شظى» والشظى من الناس : الموالي ، والتبّاع وشظى القوم ، خلاف صميمهم ، وهم الأتباع والدخلاء عليهم بالحلق ، وروى هنا ثلاثة أبيات لهوبر الحارثي ، أولها :
ألا هل أتى التّيم بن عبد مناءة |
على الشنء فيما بيننا ابن تميم |
وتلاحظ أن قافيته مجرورة ، ولكنها جاءت قلقة مضطربة في غير محلها ، وكأنها صناعة طالب علم مبتدئ ، يعرف العروض ، ولم يتمكن من اللغة ، وأراد أن يقول الشعر ، فقاله يدرّب نفسه على تركيب الوزن الشعري ، دون النظر إلى صحة المعنى. والله أعلم.
(٤٧٣) وإلّا أكن كلّ الشجاع فإنني |
بضرب الطّلى والهام حقّ عليم |
في حماسة أبي تمام ، وقال بعض بني أسد. وقال التبريزي : قيل : لعبد العزيز ابن زرارة.
وقوله «كلّ الشجاع» أي : الكامل في معناه. والطّلى : الأعناق ، الواحدة طلية. والباء في قوله : بضرب الطلى تعلّق ، بقوله «عليم». وبهذا تقدم معمول المضاف إليه على المضاف. والمشهور أنه لا يقدم معمول المضاف إليه على المضاف ، وقد أجازه بعضهم إذا كان المضاف كلمة (حقّ) كما في البيت. ذلك أن قوله «حقّ عليم» لا زيادة فيه إلا التوكيد فلم يقيّد بالمضاف ، فحمل الكلام على المعنى لا على اللفظ ، فكأنه قال : «إنني بضرب الطلى عليم جدا» ومما تقدم معمول المضاف إليه على المضاف في قطعة البيت الشاهد ، قوله :
وإلّا أكن كلّ الجواد فإنني |
على الزاد في الظلماء غير شتيم |
فقوله على الزاد متعلق بشتيم ، وهو مضاف إليه. والذي سوغه أن «غير» تساوي «لا» النافية ، فحمل الكلام على المعنى ، لا على اللفظ. [المرزوقي ٨٣ ، والهمع ج ٢ / ٤٩].