استدل جماعة بالرجز ، على أن «عسى» مثل «كان» في عملها.
وأجاب البغدادي : أن عسى التي تكون خبرها مضارعا هي عسى الدعائية الإنشائية ، أما عسى في البيت فهي خبرية لدلالة وقوعها مع مرفوعها خبرا لإنّ ، والإنشاء لا يقع خبرا فلا تقول. إن زيدا أهل قام. والراجز في البيت يخبر أنه صائم. والمعنى! إني رجوت أن أكون صائما ، فصائما : خبر لكان وأن الفعل. مفعول لعسى...
قلت : وتخريج البغدادي طويل ، وقدّر حذفا كثيرا ، والإعراب بدون حذف أقوى فعسى هنا فيها معنى الإنشاء والرجاء والدعاء ، لأن الذي يؤدي عبادة ، أو يكون عليها لا يكون متيقنا من تمامها ، وقبولها ، فإذا أخبر عن حاله ، أجاب بصيغة الرجاء أن يكون من المقبول عملهم. وهذا كذلك أما كونها وقعت خبرا لإنّ ، فهي لا تقاس على «إن زيدا هل حضر» لأن هل : حرف ، وعسى : فعل ، فكما تقول : إني أرجو الله أن أكون صائما وإن زيدا يرجو الله. وهو دعاء فكذلك يقال : إني عسى أن أفعل. ويؤيد هذا الرجز المثل المشهور «عسى الغوير أبؤسا» وتخريجه على غير هذا الوجه فيه تعنّت. [الخزانة ج ٩ / ٣١٦ ، والخصائص ج ١ / ٩٨ وشرح المفصل ج ٧ / ١٤ ، ١٢٢ ، والهمع ج ١ / ١٣٠ ، والأشموني ج ١ / ٢٥٩].
(٥٢٩) كافا وميمين وسينا طاسما
هذا رجز روته الثقات. يشبه آثار الديار بحروف الكتاب ، والطاسم : الدارس. والشاهد في تذكير «طاسم» وهو نعت للسين ، لأنه أراد الحرف ، ولو أمكنه التأنيث على معنى الكلمة لجاز ، ويروى (كافا وميمين وسينا طامسا» والطامس ، مثل الطاسم. وقد استشهد سيبويه بالرجز على تذكير الحروف واستشهد به ابن يعيش ، على أن حروف المعجم إذا تعاطفت أعربت ، فالأول والثالث منصوبان بالفتحة والثاني منصوب بالياء لأنه مثنى (ميم) [شرح المفصل ج ٦ / ٢٩ ، وسيبويه ج ٢ / ٣١].
(٥٣٠) كن لي لا عليّ يا ابن عمّا |
نعش عزيزين ونكفى الهمّا |
في العيني ج ٤ / ٢٥٠ ، والشاهد (يا ابن عمّا) وأصلها يا ابن (عمي).
(٥٣١) قم قائما قم قائما قم قائما |
إنك لا ترجع إلا سالما |
أنشده السيوطي شاهدا على التوكيد اللفظي ، بإعادة لفظ الجملة ثلاث مرات. [الهمع ج ٢ / ١٢٥].