ظاهر لا يخاف ولا يداهن وإنما هو شجاع. وحمله على المعنيين الثاني والثالث أولى ، لأنّ حمله على الأول ، معناه أنّ اسم أبي الشاعر «جلا» أو أحد أجداده وليس في آبائه من سمي بهذا الاسم ، أو لقّب به.
أنا : مبتدأ. ابن : خبره. وجلا : مضاف إليه. إذا كان اسما علما. وطلّاع : معطوف على خبر المبتدأ بالرفع.
والشاهد : متى أضع. تعرفوني حيث جزم بمتى فعلين. الأول «أضع» والثاني تعرفوني. وعلامة جزم الجواب حذف النون ، والنون الموجودة ، نون الوقاية ، ولو كان مرفوعا لقال : تعرفونني.
وقوله : أضع. بمعنى أخلع العمامة. وقصة الحجاج تدل على ذلك ، لأنه وقف على المنبر ملثّما ثم أزال اللثام. ووضعت المرأة ثوبها : خلعته وفي التعبيرات الدارجة اليوم : وضعت السرج على الحصان ، أو وضعت العمامة على رأسي. ولم أجد هذا الأسلوب في الأساليب المستعملة. وإنما يقال. وضع فلان الشيء : ألقاه من يده وحطّه ، ضد رفعه. ووضع الشيء إلى الأرض : أنزله. ووضع الشيء في المكان : أثبته. ووضع يده في الطعام : إذا جعل يأكله. ووضع عنه الأمر : أسقطه. ووضع الشيء وضعا : تركه. وعلى هذا نقول : وضعت العمامة أو العقال في رأسي ، وليس على رأسي.
ويروى أنّ ملك اليمن (يحيى حميد الدين) علم أنّ مندوب اليمن في الجامعة العربية يخلع عمامته عند ما يجتمع بالناس ، فأرسل إليه (متى أضع العمامة تعرفوني) والبيت في سياق خلع العمامة وليس إثباتها. ولكن قد يستشهد بالبيت في مجال «لبس العمامة» فكما أن خلع العمامة يوضّح لابسها ، فكذلك لبس العمامة يعرّف بصاحبه ، لأن العمامة زيّ وشعار به تعرف الأقوام ولذلك يمكن تفسير قول إمام اليمن بمعنى «متى أضع العمامة في رأسي ، أو أضع رأسي في العمامة على القلب. وإنما ذكرت قصة إمام اليمن (المتوفى سنة ١٩٤٨ م) لأنه كان أديبا ناظما ، ولا يخفى عليه معنى بيت الشعر. وكان ـ رحمهالله ـ يرى الاعتماد على النفس في تعمير البلاد ، ومن كلامه : «لأن تبقى البلاد خربة وهي تحكم نفسها أولى من أن تكون عامرة ويحكمها أجنبي». وصدق ظنه ، فما جنينا من الانفتاح على حضارة الغرب إلا مزيدا من القيود والاستعمار. [سيبويه / ٢ / ٧ / ، وشرح المفصل / ١ / ٦١ ، و ٣ / ٥٩ ، والخزانة / ١ / ٢٥٥ وشرح أبيات المغني / ٤ / ٦ والهمع / ١ / ٣٠ ، والأشموني / ٣ / ٢٦٠].