الناس تعشق من خال بوجنته |
فكيف إن كان حبّي كلّه خال |
وقض : بكسر القاف ، حكاية صوت الركبة إذا صاتت. والبيت أنشده السيوطي ، شاهدا لإضافة «آية» بمعنى علامة ، إلى الجملة ، الاسمية.
فقوله : الخال : مبتدأ و «عند» خبره. [الهمع ج ٢ / ٥٠ ، واللسان (قضض)].
(٢٣) صبحنا الخزرجيّة مرهفات |
أبار ذوي أرومتها ذووها |
البيت لكعب بن زهير.
وقوله : صبحنا : معناه أتيناهم وقت الصبح. والمرهفات السيوف القواطع. وأبار : أفنى وأباد. والأرومة : الأصل.
والشاهد فيه «ذووها» فقد أضافها الشاعر إلى الضمير. ويعدون هذا شاذا لأن الأكثر ، أن تضاف «ذو» إلى اسم جنس. كقولنا : فلان ذو مال ، وذو عيال. وانظر في حرف الهاء الشاهد (إنما يعرف.. ذووه). فقد بسطنا القول في حكم «ذو». [شرح المفصل ج ١ / ٥٣ ، وج ٣ / ٣٦ ، والهمع ج ٢ / ٥٠ ، وديوان الشاعر].
(٢٤) أشدّ على الكتيبة لا أبالي |
أحتفي كان فيها أم سواها |
البيت للعباس بن مرداس. وقد احتج الكوفيون بالبيت على أن «سوى» تكون ظرفا وتكون اسما ، واحتجوا على أنها تكون اسما بمنزلة «غير» ولا تلزم الظرفية أنهم يدخلون عليها حرف الجرّ. والتقدير في البيت : أحتفي كان فيها أم في سواها. ويرى البصريون أنها لا تكون إلا ظرفا ، وأجابوا عن شواهد الكوفيين أنها من ضرورة الشعر. والحقّ في المسألة مع الكوفيين ، لأنهم جاءوا بأربعة شواهد شعرية لشعراء فحول. وأربعة شهداء يثبت بهم حدّ الرّجم ، فهي كافية لإثبات صحة كلام الكوفيين. أما قولهم : ضرورة شعرية فهذه مماحكة باطلة ، لطخوا بها جبهة الشعر العربي الناصعة ، حتى أصبح المرء يظنّ أن الشعر العربي ، لا يساير لغة العرب ، أو أن الشعراء يجهلون لغتهم ، مع أن الشاعر لا يستعمل الكلمة إلا إذا مزجها بدمه وقلبه ، وعرف أنها تكون ذات أثر في السامعين. فالشاعر لا يقول لنفسه فقط وإنما يقول للناس ، وبخاصة شعر الفخر والحرب ، والغزل. فإذا استخدم لفظة مما لا يألفه الناس ، فكيف يصل أثر كلامه إلى الناس. [الخزانة ، ج ٣ / ٤٣٨ ، والإنصاف ص ٢٩٦].