لأن الشاعر أراد «عصما» (١).
وإن المرء ليستغرب مثل هذا التخليط. فمما لا شك فيه أن حذف التنوين والألف المبدلة منه عند الوقف ـ كما في «رأيت فرخ» التي أصلها «رأيت فرخا» ثم «رأيت فرخا» عند الوقف ـ في الاسم المنصوب ، لا يمكن أن يتم على مستوى الفصحى في اختيار الكلام ـ كما يقولون ـ أي في النثر ، ولكنه جائز في الشعر عند تقييد القافية ، لأن عملية التقييد هذه ـ أي تسكين حرف الروي ـ تمنع ظهور حركات الإعراب ، رفعا كانت أو نصبا أو جرا ، وهو أمر معروف ومصطلح عليه منذ أقدم الأزمنة.
ولم يكن الأخفش بدعا من أقطاب مدرسته حيال فكرة «العامل». فعلى الرغم من محاولته دراسة الجملة العربية على ضوء الاستعمال أحيانا ، ومحاولته اتباع المنهج الوصفي بعيدا عن التعقيد والمبالغة في بيان العلل ، كما في قوله مثلا بأن المبتدأ إذا كان موصولا صلته فعل ـ كقولك «الذي يفعل هذا فله مكافأة» ـ وردت «الفاء» في خبره لأنه بمنزلة
__________________
(١) منهج الأخفش الأوسط ، ص ٢٦٧.