سيبويه يحتال إلى ذلك بأنه وإن كان الفعل لازما إلّا أن المفعول معه «كالمفعول به في المعنى» ، فلم يرتح إلى رأيه ، وعمد إلى حيلة أخرى وجدها تحفظ له فكرة «العامل» من جهة ، وتحفظ للغة منطقها ، من جهة أخرى : إنه ما دام لا شيء يمنع عمل الفعل النصب في الظرف ، وإن كان هذا الفعل لازما ـ (نمت ليلا ـ خرجت صباحا) الخ ... ـ فليكن معمول الفعل اللازم في «جاء البرد والطيالسة» ظرفا ، وليغب هذا الظرف (الذي حلت محله «الواو» في اللفظ فقط) ، وليحلّ محلّه الاسم المنصوب الواقع بعد «الواو» في وقوع الفعل عليه وكونه معمول الفعل. [خرّج نصب المفعول معه تخريجات عدة ذكرها صاحب الانصاف في المائدة ٣٠]
فبينما نراه أحيانا يتشدّد في ضرورة القياس على المسموع من كلام العرب ، حتى وإن لم يكن فاشيا شائعا أو مما تعتدّ به مدرسته البصرية ، نجده من ناحية أخرى يتساهل فيه إلى درجة السماح به حتى من غير سماع ، أو يمنعه حتى وإن ورد به سماع من عربي فصيح. وهو إذا كان في موقفه الأول