خاتمة
وبعد ، فلقد ضرب الأخفش الأوسط والكوفيون بسهم في محاولة لمسايرة روح اللغة واستقرائها استقراء وصفيا بما ملكت ايديهم من مقاييس العصر. وقد كان من الممكن أن تأتي محاولتهم تلك أجدى على العربية مما أتت ، لو أنهم نفضوا عنهم إلى غير رجعة نير المنطق ، وكسروا إلى الأبد طوق الاقيسة العقلية.
فلئن كانت اقيسة البصريين النظرية البحت قد الجأتهم في كثير من الأحيان إلى التأويل والتقدير بشكل صارخ ، وحملتهم على رفض كثير من الشواهد العربية الصحيحة ، فإن الأخفش والكوفيين لم يستطيعوا ـ على ما في مذهبهم من محاولة للبعد عن التكلف ـ أن يتخلصوا نهائيا من التأويل والتقدير ، بل لربما وقعوا فيهما أحيانا بشرّ مما وقع فيه البصريون. كما أن تسامحهم في كثير من الشواهد