تمهيد
لا بدّ ، قبل الخوض في آراء الأخفش النحوية الجديدة ، من المبادرة إلى القول إنه لم يكن بدعا من أقطاب مدرسته البصرية. فقد اقتفى خطاهم في الأخذ بالمبادىء الثلاثة التي قامت عليها مدرستهم : السماع ، والتعليل ، والقياس. لكن ما يبدو جديدا هو أنه لم يأخذ نفسه بالصرامة التي أخذوا بها أنفسهم في المبدأين الأول والثالث ، فجاز لديه الشاهد الواحد أو النادر ، وقبل أحيانا بما لم يكن مؤسسو المدرسة يقبلون به لأنه «شاذ» أو «لغة رديئة» ، أو «قال به بعض العرب» ممن لا تتوافر فيهم شروط «الفصاحة». فقد نقل عن أقوام أجمع أسلافه على عدم جواز النقل عنهم ، كاستشهاده مثلا على عمل «لعلّ» الجر ببيت لكعب بن سهم الغنوي :
فقلت أدع أخرى وارفع الصوت جهرة |
|
لعلّ «أبي» المغوار منك قريب |
وهذا الشاعر من بني عقيل بن كعب من سكان البحرين