أقرب إلى منطق اللغة وطبيعتها ، فإنه أشد تمسكا في موقفه. الثاني بالمنطق الذي طبع الدرس النحوي منذ فجر حياته. وإذا نحن ضربنا صفحا هنا عن الشق الأول من القياس «الأخفشي» لإيماننا بأن اللغة «استعمال» ـ أي سماع ـ قبل أن تكون «منطقا» رياضيا وفلسفيا ، فإنه لا يسعنا السكوت عن الشق الثاني منه ، لما جرّه في رأينا على الدرس النحوي من تعقيدات كان في غنى عنها. وإليك بعض الأمثلة :
* أجاز الأخفش توكيد الفعل بمصدر مؤول من «أن» والفعل ، رغم عدم ورود السماع بذلك. فقد سمح للمتكلم أن يقول مثلا : «ضربت زيدا أن ضربت» ، والتقدير : «ضربت زيدا ضربا».
والحق أننا لا ندري ما الداعي إلى هذا التمحّل ـ ما دام في اللغة مصدر صريح مؤكد للفعل : «ضربا» ـ إلّا أن يكون الأخفش قد طبّق القياس العقلي الذي يعمم الجزء على الكل طردا وعكسا. فبما أنّ «أن ضربت» يسبك بـ «ضرب» ، فلا بدّ أن يفكّك «ضرب» إلى «أن ضربت». وعلى هذا الأساس نحلّ «ضربته أن ضربت» محل «ضربته