١ ـ التوهيم :
فالفن الأول في هذه الآية هو فن التوهيم وقد سبقت الاشارة إليه في سورة «آل عمران» ، ونجدد العهد به هنا فنقول : هو أن يأتي المتكلم بكلمة يوهم ما بعدها من الكلام أن المتكلم أراد تصحيفها ، وهو يريد غير ذلك ، وذلك في قوله : «أن لا تشركوا به شيئا».
فإن ظاهر الكلام يدل على تحريم نفي الشرك ، وملزومه تحليل الشرك ، وهذا محال ، وخلاف المعنى المراد ، والتأويل الذي يحلّ الإشكال هو أن في الوصايا المذكورة في سياق الآية وما بعدها ما حرّم عليهم وما هم مأمورون به ؛ فإن الشرك بالله ، وقتل النفس المحرمة ، وأكل مال اليتيم ، مما حرّم ظاهرا وباطنا ، ووفاء الكيل والميزان بالقسط والعدل في القول ، فضلا عن الفعل والوفاء بالعهد واتباع الصراط المستقيم من الأفعال المأمور بها أمر وجوب ، ولو جاء الكلام بغير «لا» لانبتر واختل وفسد معناه ، فإنه يصير المعنى حرّم عليكم الشرك ، والإحسان للوالدين ، وهذا ضد المعنى المراد. ولهذا جاءت الزيادة التي أوهم ظاهرها فساد المعنى ليلجأ إلى التأويل الذي يصح به عطف بقية الوصايا على ما تقدم.
٢ ـ التّغاير :
والفنّ الثاني فيها هو التغاير ، وذلك في قوله : «ولا تقتلوا أولادكم من إملاق». وحدّه تغاير المذهبين ، إما في المعنى الواحد بحيث يمدح إنسان شيئا أو يذمه ، أو يذم ما مدحه غيره ، وبالعكس ، ويفضل شيئا على شيء ، ثم يعود فيجعل المفضول فاضلا. ومن التغاير