موضع نصب بنزع الخافض ، أي : ما منعك من السجود. وإذ ظرف ماض متعلق بتسجد ، أي : ما منعك من السجود وقت أمري إياك به.
ولا زائدة لتأكيد معنى النفي ، وجملة أمرتك في محل جر بالإضافة (قالَ : أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) جملة القول مستأنفة مسوقة لجواب إبليس عن السؤال الناشئ عن حكاية عدم سجوده ، وأنا مبتدأ ، وخير خبر ، ومنه جار ومجرور متعلقان بخير ، وجملة خلقتني لا محل لها لأنها مسوقة لتعليل ما ادعاه غرورا واستكبارا من فضله على آدم. ومن نار جار ومجرور متعلقان بخلقتني ، وجملة خلقتني من طين عطف على سابقتها.
البلاغة :
في قوله : «ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك» فنّ التوهيم ، وقد تقدم الإلماع إليه. أي أن يأتي المتكلم بكلمة يوهم ما بعدها من الكلام أن المتكلم أراد تصحيفها أو تحريفها أو اختلاف إعرابها أو اختلاف معناها. فإن الظاهر ما منعك من السجود. والتأويل الذي يرد هذا الكلام أن العلماء قالوا : ما منعك أي : ما صيرك ممتنعا من السجود. وقد تقدم في آل عمران قوله في اختلاف الإعراب : «ثم لا ينصرون» ليبقى الفعل دالا على الحال والاستقبال. ومن توهيم التصحيف قول أبي الطيب المتنبي :
وإن الفيام التي حوله |
|
لتحسد أرجلها الأرؤس |
فإن لفظة «الأرجل» أوهمت السامع أن المتنبي أراد القيام بالقاف ، ومراده الفيام ، وهي الجماعات ، لأن الفيام يصدق على أقل الجمع ، فتفوت المبالغة منه.