المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فان العناية اشتدّت ، والدواعي توفرت علىٰ نقله وحراسته ، وبلغت إلىٰ حدّ لم يَبْلُغه في ما ذكرناه ؛ لأنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتّىٰ عرفوا كلّ شيءٍ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد ؟!
وقال أيضاً : إنّ العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرىٰ ذلك مجرىٰ ما عُلِم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها ، حتّىٰ لو أنّ مُدْخِلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً ليس من الكتاب لعُرِف ومُيّز ، وعُلِم أنّه مُلْحَقٌ وليس من أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلومٌ أنّ العناية بنقل القرآن وضبطهِ أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء » (١).
وذكر : « أنّ من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لايعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضافٌ إلىٰ قومٍ من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحّتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع علىٰ صحّته » (٢).
وذكر ابن حزم أنّ الشريف المرتضىٰ كان يُنكر من زعم أنّ القرآن بُدّل ، أو زيد فيه ، أو نُقِص منه ، ويكفّر من قاله ، وكذلك صاحباه أبو يعلىٰ
______________________
(١) مجمع البيان ١ : ٨٣ ـ ٨٤.
(٢) مجمع البيان ١ : ٨٣.