حقيقتان مهمّتان
إنّ قيل : إنّ الروايات التي ظاهرها نقصان القرآن ، أو وجود اللحن فيه ، مخرّجةٌ في كتب الصحاح عن بعض الصحابة ، وإنّ تكذيبها وإنكارها قد يوجب الطعن في صحّة تلك الكتب ، أو في عدالة الصحابة. نقول :
أولاً : إنّ القول بصحّة جميع الأحاديث المخرّجة في كتابي مسلم والبخاري ـ وهما عمدة كتب الصحاح ـ وأنّ الأُمّة تلقّتهما بالقبول ، غير مسلّم ، فلقد تكلّم كثير من الحفاظ وأئمة الجرح والتعديل في أحاديث موضوعةٍ وباطلةٍ وضعيفةٍ ، فتكلّم الدارقطني في أحاديث وعلّلها في ( علل الحديث ) ، وكذلك الضياء المقدسي في ( غريب الصحيحين ) ، والفيروزآبادي في ( نقد الصحيح ) وغيرهم ، وتكلّموا أيضاً في رجال رُوي عنهم في الصحيحين ، وهم مشهورون بالكذب والوضع والتدليس. وفيما يلي بعض الارقام والحقائق التي توضّح هذه المسألة بشكل جليّ :
١ ـ قد انتقد حفّاظ الحديث البخاري في ١١٠ أحاديث ، منها ٣٢ حديثاً وافقه مسلم فيها ، و ٧٨ انفرد هو بها.
٢ ـ الذي انفرد البخاري بالاخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضعة وثلاثون رجلاً ، المتكلّم فيه بالضعف منهم ٨٠ رجلاً ، والذي انفرد مسلم بالاخراج لهم دون البخاري ٦٢٠ رجلاً ، المتكلّم فيه بالضعف منهم ١٦٠ رجلاً.
٣ ـ الأحاديث المنتقدة المخرّجة عندهما معاً بلغت ٢١٠ حديثاً ، اختصّ البخاري منها بأقلّ من ٨٠ حديثاً ، والباقي يختصّ بمسلم.