ثم رأيت الكثير من الفضلاء ، والجم الغفير من الأذكياء ، سألونى ...
______________________________________________________
سبكتها) ترشيح للتشبيه إما باق على معناه أو مستعار لأخرجتها ، ويصح أن يكون فى الكلام استعارة بالكناية بأن شبه الفكر فى النفس بصائغ على طريق الاستعارة المكنية ، وإثبات اليد تخييل ، وذكر السبك ترشيح ؛ لأن اليد من لوازم المشبه به ، والسبك من ملائماته ، و" أل" فى" الأفكار" عوض عن المضاف إليه أى أفكارى.
(قوله : ثم رأيت) عطف على قوله : " شرحت" ، وعبر ب" ثم" ـ التى للترتيب ـ للتراخى بين الفعلين ، ورأى يحتمل أنها علميّة فتكون جملة" سألونى" فى محل نصب مفعولا ثانيا ، ويحتمل أن تكون بصريّة فتكون الجملة المذكورة فى محل نصب على الحال.
(قوله : من الفضلاء) جمع فضيل بمعنى فاضل ككريم وكرماء ، والفاضل من اتصف بفضيلة ، ذكاء كانت أو صلاحا أو علما ، والمراد به هنا من كثر علمه ، والجار والمجرور حال من الكثير أو صفة له.
(قوله : والجم) مأخوذ من الجموم وهو الكثرة ، والغفير من الغفر وهو الستر أى والجمع العظيم الساتر لكثرته وجه الأرض وما وراءه ، والأذكياء جمع ذكى ، قيل : كامل العقل ، وقيل : سريع الفهم ، والقولان متقاربان ؛ لأن كمال العقل يستلزم سرعة الفهم وغيره ، ولا يقال : إن هذه السجعة عين ما قبلها ؛ لأنّ الجم الغفير أبلغ فى الكثرة من لفظ الكثير ، والأذكياء أعم من الفضلاء ؛ بناء على أن المراد بالفضلاء من اتصف بكثرة العلم.
(قوله : سألوني) أى : طلبوا مني ، وفى هذا إشارة لقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : " ليس منّا من لم يتعاظم بالعلم (١) " أى : يعتقد أن الله عظمه بإعطائه نعمة العلم ، والسؤال إن كان بمعنى الطلب كما هنا تعدى للمفعولين بنفسه ، وإن كان بمعنى الاستفهام تعدى للثانى بعن أو ما بمعناها نحو (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً)(٢) ، ونحو :
فإن تسألونى بالنّساء فإنّنى |
|
خبير بأدواء النساء طبيب (٣) |
__________________
(*) لم أجده فيما بين يدي من المصادر ولا أراه إلا من قبيل الضعيف أو الموضوع.
(١) الفرقان : ٥٩.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لعلقمة الفحل فى : ديوانه ص ٣٥ ، وأدب الكاتب ص ٥٠٨ ، وحماسة البحترى ص ١٨١ ، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ٤٩.