الفاء ، هي الدّلالة على أنّ علمهم بما لأجله خلقت السّموات والأرض حملهم على الاستعاذة.
[وفي مجمع البيان (١) : روى الثّعلبيّ في تفسيره ـ بإسناده ـ عن محمّد بن الحنفيّة ، عن أبيه (٢) عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان إذا قام من اللّيل استاك (٣) ، ثمّ ينظر إلى السّماء ، ثمّ يقول : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ـ إلى قوله ـ : (فَقِنا عَذابَ النَّارِ)].(٤)
(رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) : غاية الإخزاء. ونظيره قولهم : من أدرك مرعى الضّمان فقد أدرك. والمراد تهويل المستعاذ منه ، تنبيها على شدّة خوفهم وطلبهم الوقاية منه.
(وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (١٩٢) : أراد بهم ، المدخلين. ووضع المظهر موضع المضمر ، للدّلالة على أنّ ظلمهم سبب لإدخالهم النّار.
وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن يونس بن ظبيان قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ).
قال : ما لهم من أئمّة يسمّونهم بأسمائهم.
ومعناه : ما لهم ، أي ، للظّالمين من أئمّة. يسمّون الأئمّة ، بأسماء الأنصار ، أي ، يعدّونهم أنصارهم ، أي : أئمّة الجور ، وأئمّة الجور لا يمكن لهم الشّفاعة.
فالحاصل ، أنّ الظّالم وهو الّذي تدخله النّار وهو تارك الولاية ، ليس له مخلّص من النّار ، لأنّ أئمّتهم أئمّة الجور يستحيل منهم الشّفاعة والنّصرة ، أمّا الشّفاعة فلأنّهم ليسوا أهلا لها ، وأمّا النّصرة فلأنّ المخزي هو الله سبحانه. فما قاله البيضاويّ (٦) ، من أنّه لا يلزم من نفي الشّفاعة ، لأنّ النّصرة دفع بقهر ، جهل منه ارتكبه ، لاحتياط الاستمداد منه بشفاعة أئمّته.
(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) :
أوقع الفعل على المسمع لا المسموع ، لدلالة وصفه عليه ، وفيه مبالغة ليس في
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٥٥٤.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : تسوّك.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٥) تفسير العياشي ١ / ٢١١ ، ح ١٧٥.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٩٩.