نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرّأى مختلف (١) |
فقوله : نحن مبتدأ محذوف الخبر لما ذكر ؛ أى : نحن بما عندنا راضون ؛ فالمحذوف هاهنا هو خبر الأول بقرينة الثانى ، وفى البيت السابق بالعكس ...
______________________________________________________
هو من المنسرح (قوله : نحن بما عندنا) أى : نحن راضون بما عندنا وأنت راض بما عندك من الرأى وآراؤنا مختلفة ، فكل إنسان يتبع رأيه ؛ لأنه حسن باعتبار حاله ، وإن كان قبيحا باعتبار حال آخر ، ففيه إشارة إلى أن تفاوت المطالب فى الحسن والقبح باعتبار علو الهمة ودناءتها ، فرب شىء حسن عند دنىء الهمة يكون قبيحا عند عاليها (قوله : لما ذكر) أى : للنكات التى ذكرت فى البيت السابق ، أى : لأجل الاحتراز عن العبث بناء على الظاهر مع ضيق المقام بسبب الوزن (قوله : فالمحذوف هاهنا خبر الأول إلخ) هذا إشارة إلى فائدة تعداد المثال (قوله : خبر الأول) أى : لأنه لا يجوز أن يكون راض خبرا عن نحن لعدم المطابقة وأما قوله :
والمسجدان وبيت نحن عامره |
|
لنا وزمزم والأركان والسّير |
فأصله عامروه فحذفت الواو لدلالة الضمة عليها ، وأما المصير إلى حذف الموصوف ، وأن التقدير : نحن قوم راض فتكلف ، وبتقديره يصح أن يكون راض خبرا عن نحن وأنت ، ولا حذف فى الكلام.
قال فى المغنى : وقد تكلف بعضهم فزعم أن نحن للمعظم نفسه وأن راض خبر عنه وهو مردود ؛ لأنه لم يحفظ نحن قائم ، بل يجب فى الخبر المطابقة نحو : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ. وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ)(٢) وأما : (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ)(٣) فأفرد ثم جمع ؛ لأن غير المبتدأ والخبر لا يجب له من التطابق ما يجب لهما انتهى (قوله : وفى البيت السابق بالعكس) إذ لا يجوز فيه أن يكون المذكور خبر الثانى ؛ لأن لام الابتداء لا تدخل على خبر المبتدأ غير المنسوخ كما مر.
__________________
(١) البيت من المنسرح ، وهو لقيس بن الخطيم فى ملحق ديوانه ص : ٣٢٩ ، وتخليص الشواهد ص : ٢٠٥ ، والدرر ٥ / ٣١٤ ، ولعمر بن امرئ القيس الخزرجى فى الدرر ١ / ١٤٧.
(٢) الصافات : ١٦٦ ، ١٦٥.
(٣) المؤمنون : ٩٩.