فإن قيل : فإنّ المفعول به لا يقيد بحرف الجر لا لفظا ولا تقديرا ، فالجواب : إنّه قد يقيد بحرف أيضا في موضع ، نحو : «مررت» وليس كالمصدر الذي يصل إليه الفعل بنفسه أبدا. وكلاهما حسن.
فإن قلت : ولأي شيء قيل فيه مفعول ، ولم يقيد بشيء؟ فالجواب عن ذلك أنه هو المفعول في الحقيقة ، فلذلك وصل إليه محل فعل بنفسه.
[٣ ـ تسمية المفعول به والمفعول فيه] :
فإن قيل : ولأيّ شيء سمّي المفعول به مفعولا به ، وظرف الزمان والمكان مفعولا فيه ، وكلاهما محل؟
فالجواب عن ذلك أحد أمرين : إمّا لأنّ «في» قد ظهرت في ضمير ظرف الزمان والمكان ، مثل قولك : «يوم الجمعة خرجت فيه» ، و «مكانك قمت فيه» ، فسمّي مفعولا فيه لظهور «في» فيه ، والمفعول به لا تظهر فيه ، فلم يبق إلّا أن يسمى مفعولا به ، لأن الباء أخت الفاء في الوعائية.
وإما لأن «في» في الوعاء أقوى من الباء ، ألا ترى أن «في» لازمة للوعاء بخلاف الباء ، وظرف الزمان والمكان أقوى في المحلية من المفعول به ، لأنه محل الفعل وفاعله ومفعوله إن كان له مفعول ، فجعلت «في» التي هي أقوى في الوعائية لظرف المكان الذي هو أقوى في المحلية إن كان له مفعول.
[٤ ـ اختلاف النحويين في الحال] :
واختلف النحويون في الحال ، فمنهم من جعلها مفعولا فيها ، ومنهم من لم يلحقها بالمفعولات. وسبب ذلك أنها قد تكون الفاعل في المعنى إذا كانت منه ، ومفعولا في المعنى إذا كانت منه ، فلم تسمّ مفعولا لذلك.
ومن سماها مفعولا فيها رأى أنها منتصبة عن تمام الكلام مقدرة ب «في» مقيدة للفعل ، فسماها مفعولا فيه لشبهها بظرف الزمان.
والمفعول معه إنّما نصب ، وإن كان شريك الفاعل في المعنى ، لأنّ العرب لحظت فيه معنى المفعولية ، فإذا قلت : «جاء البرد والطيالسة» ، فإنّما لحظت جاء البرد بالطيالسة ، و «استوى الماء والخشبة» ، ساوى الماء الخشبة.
وأقوى تعدّي هذه الأفعال إلى المصدر ، لأنّه المفعول حقيقة ، لأنه يدل عليه بلفظه