وعجّلي ، وبحياتي عليك لا تمسي طيبا ولا غمرا (١) فتحتسينا (٢) بدلالك وعطرك. قال : فإذا جارية قد أقبلت ما أحسب وقعت عليها الشمس قطّ ، كأنها صورة ، فسلّمت وقعدت كالخجلة. فقالت الأولى : هذا الذي ذكرتك (٣) له ، وهو في هذه الهيئة التي ترين. قالت : حيّاه الله وقرّب داره.
قالت : وقد بذل لك من الصداق دينارا. قالت : أي أمّ ، أخبرتيه بشريطتي؟ قالت : لا والله أى بنيّة أنسيتها. ثم نظرت إليّ فغمزتني ، فقالت : تدري ما شريطتها؟ قلت : لا. قالت : أقول لك بحضرتها ما إخالها تكرهه ، هي أفتك من عمرو بن معدى (٤) ، وأشجع من ربيعة (٥) بن مكدّم ، وليس توصل إليها حتى تسكر ، ويغلب على عقلها ، فإذا بلغت تلك الحال ففيها المطمع. قلت : ما أهون هذا وأسهله. فقالت الجارية : تركت شيئا أيضا. قالت : نعم والله ، أعلم إنك لا تقدر عليها إلا أن تتجرّد فتراك مجرّدا مقبلا ومدبرا. قلت : وهذا أيضا أفعله. قالت : هلم دينارك ، فأخرجت دينارا ، فنبذته إليها ، فصفقت تصفيقة أخرى ، فأجابتها امرأة ، فقالت : قولي لأبي الحسن [وأبي](٦) الحسين هلما الساعة قلت يا نفسي أبو الحسن والحسين علي بن أبي طالب! فإذا شيخان خصيان (٧) قد أقبلا ، فقعدا فقصت عليهما المرأة القصة ، فخطب أحدهما ،
__________________
(١) الغمر ، ويقال : الغمرة : قيل : الزعفران ، وقيل : الورس ، وقيل : شيء يصنع من تمر ولبن تطلى به العروس لترق بشرتها. اللسان ٥ / ٣٢.
(٢) كذا في الأصل ، وفي العقد الفريد (فحسبك). ولعلّها (فبحسبنا دلالك).
(٣) في العقد (هذا الذي ذكرته لك).
(٤) هو : الزبيدي : فارس اليمن المشهور ، صحابي ، شارك في حروب الشام والقادسية ، وأبلى البلاء الحسن. مات سنة (٢١). الاصابة ٣ / ١٨.
(٥) هو : الكناني ، أحد فرسان مضر المشهورين. قتله أهبان بن غادية الخزاعي ، وقيل : نبيشة بن حبيب السلمي. وذلك في الجاهلية. أنظر الكامل للمبرد ٣ / ١٢٥١.
(٦) سقطت من الأصل ، وأثبتّها من العقد الفريد.
(٧) في العقد (شيخان غاضبان نبيلان).