الصوفية فليصحبهم بلا نفس ولا قلب ولا ملك ، فمتى نظر إلى شيء من أسبابه قطعه ذلك عن بلوغ مقصده.
أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن أبي الخطاب بن محمد بن الهزبر الربعي :
أبو الطيب المعروف بابن الحلاوي الموصلي ، شاعر مجيد فاضل حسن المفاكهة والأخلاق ، قدم علينا حلب في أيام الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ، وامتدحه بها ، وأقام بها مدة ، وجالسته وسمعت شيئا من شعره بحلب ، وخرج عن حلب إلى بلده ، وتوجه إلى بغداد وامتدح الامام المستنصر أبا جعفر المنصور أمير المؤمنين رحمه الله ، ثم عاد إلى الموصل وأقام بها ، وأجرى له أميرها بدر الدين لؤلؤ جاريا حسنا ، واجتمعت به فيها ، وأنشدني مقاطيع من شعره ، وكان حينئذ قد غير ملبوسه وتزيا بزي الأجناد ، وكان اجتماعي به بالموصل بمشهد البرمة يوم التاسع من محرم سنة إحدى وخمسين وستمائة. (٢٤ ـ و)
أنشدنا شرف الدين أبو الطيب أحمد بن محمد بن أبي الوفاء المعروف بابن الحلاوي لنفسه بالموصل من لفظه.
حكاه من الغصن الرّطيب وريقه |
|
وما الخمر إلّا وجنتاه وريقه |
هلال ولكن أفق قلبي محلّه |
|
غزال ولكن سفح عيني عقيقه |
وأسمر يحكى الأسمر اللدن قدّه |
|
غدا راشقا قلب المحبّ رشيقه |
على خدّه جمر من الحسن مضرم |
|
يشبّ ولكن في فؤادي حريقه |
أقرّ له من كلّ حسن جليله |
|
ووافقه من كلّ معنى دقيقه |
بديع التثني راح قلبي أسيره |
|
على أنّ دمعي في الغرام طليقه |
على سالفيه للعذار جديده |
|
وفي شفتيه للسلاف عتيقه |
يهدّد منه الطّرف من ليس خصمه |
|
ويسكر منه الريق من لا يذوقه |
على مثله يستحسن الصبّ فتكه |
|
وفي حبّه يجفو الصديق صديقه |