(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
والمؤمنون مطالبون بالتفكر في هذا الجانب من تاريخهم والإعتبار به ، فإن ذلك يعمق فيهم المعرفة بربّهم ، ويؤكد لهم سلامة خطهم ، ويعطيهم الثقة بدينهم ، وبأنفسهم ، وكيف تعرف الهزيمة أمة تتيقن بأنها مؤيدة لإرادة الله المطلقة؟ بلى. إن الأمة الإسلامية وكذلك الكثير من الحركات في التاريخ انهزمت وتراجعت حينما ضعف إيمانها بالغيب ، وهي تخوض صراعا قاسيا ، وغير متكافئ ماديا مع الأعداء.
وقبل ان نمضي الى رحاب الآية اللاحقة نورد حديثا مفصلا عن الإمام الصادق (عليه السلام) في معنى الفيء كما يراه الإسلام ، يقول فيه : ان جميع ما بين السماء والأرض لله عزّ وجلّ ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصّفة فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) والمولى عن طاعتهما ، مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصّفات ، وغلبوهم عليه ، مما أفاء الله على رسوله ، فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم وإنما معنى الفيء كلما صار الى المشركين ثم رجع مما كان قد غلب عليه أو فيه ، فما رجع الى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عزّ وجلّ : (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي رجعوا ثم قال : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقال : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) «أي ترجع» فإن فاءت «أي رجعت» «فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» يعني بقوله «تفيء» ترجع فدل الدليل على أن الفيء كلّ راجع الى مكان قد كان عليه أو فيه ، ويقال للشمس إذا زالت قد فاءت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس إلى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فانما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار