فيه بشيء ، أو يعترض على قسمته ، فله مطلق التصرف فيه من قبل الباري عز وجل.
(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ)
أفاء : أرجع وردّ ، وقالوا : انما سمي فيئا لأن الله قد جعل الخيرات للرسول ، وإنما تصرف فيها الآخرون لمصلحة فاذا حازها الرسول فقد عادت اليه ، والله العالم.
(فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ)
استعدادا وسيرا لقتالهم وحربهم ، والإيجاف السير السريع والعدو ، والمعنى : أنكم ما كررتم ولا فررتم في ساحة قتال مع العدو بأفراس ولا بإبل ، تقاتلون عليها ، وتحملون مؤنكم وأنفسكم عنوة للحرب ، حتى يكون لكم نصيب من الفيء جزاء قتالكم ، إنما تحقق النّصر بإرادة إلهية مباشرة ، عملت في الغيب ، ودفعت اليهود الى الاستسلام ، ولا يملك أحد يومئذ انكار هذه الحقيقة الواقعية حتى يجادل ، ولو كان المؤمنون قاتلوا لما حكم اليهود بالجلاء ، انما كانوا يسبون ويستعبدون جميعا. وهذا علاج موضوعي معقول للقضية.
(وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ)
ينصره عليهم ويصرّفه فيهم وفي ما يملكون مطلق التصرف (تكوينيا وتشريعيا) وهذه الصلاحية تنتقل إلى الإمام الصالح من بعده ، وهي حق وصلاحية له في الحكم بفرض الله عزّ وجلّ. وتسليط الله لرسله وللمؤمنين على أعدائهم يجلّي إرادته المطلقة للناس ، ولو كان النصر والتمكين وليد القتال بالسيف ، ولكنها تكون أظهر وأجلى حينما ينتصرون ولم يوجفوا خيلا ولا ركابا ، ولم يتحملوا تبعات قتال.