جواز التفريغ نحو : لو لا القوم إلا زيدا لأكرمتك ، ولو كان معنا إلا زيد لأكرمتك ، وأباه غيره ؛ لأن التفريغ يدخل في الجملة الثابتة ، وأما الجواب الذي هو منفي فخارج عما دخلت فيه إلا ، وأجاز الزجاج الإبدال في التحضيض إجراء له مجرى النفي نحو : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) [يونس : ٩٨].
والتفريغ يكون في كل المعمولات من فاعل ومفعول به وغيره ، إلا المصدر المؤكد فإنه لا يكون فيه ، ولذلك أولوا قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) [الجاثية : ٣٢] على حذف الوصف ، أي : ظنا ضعيفا ، وأجاز الكسائي في نحو : ما قام إلا زيد مع الرفع على الفاعلية النصب على الاستثناء ، قال أبو حيان : وهو مبني على ما أجازه من حذف الفاعل ، وجوز أيضا بناء عليه الرفع على البدل من الفاعل المحذوف ، ووافق الكسائي على إجازة النصب طائفة واستدلوا بقوله :
٨٨٢ ـ لم يبق إلا المجد والقصائدا |
|
غيرك يا ابن الأكرمين والدا |
يروى بنصب (المجد) و (غير) ، أي : لم يبق أحد غيرك وأجيب ب : أن (غير) فاعل مرفوع والفتحة بناء لإضافته إلى مبني.
والثاني : وهو المستثنى من مذكور ينصب على التفصيل الآتي ، وفي ناصبه أقوال :
أحدها : أنه (إلا) ، وصححه ابن مالك وعزاه لسيبويه والمبرد ، واستدل بأنها مختصة بدخولها على الاسم وليست كجزء منه فعملت فيه ك : (إن) و (لا) التبرئة.
الثاني : أنه بما قبل (إلا) من فعل ونحوه ، من غير أن يعدى إليه بواسطة إلا ، وعزي لابن خروف ؛ لانتصاب (غير) به بلا واسطة إذا وقعت موقع إلا.
الثالث : أنه بما قبل (إلا) معدى إليه بواسطتها وعليه السيرافي وابن الباذش والفارسي وابن بابشاذ والرندي ، وعزاه الشلوبين للمحققين قياسا على المفعول معه ، فإن ناصبه الفعل بواسطة الواو ، ونسبه ابن عصفور لسيبويه ، واختاره ابن الضائع وفرقوا بينه وبين (غير) بأن ما بعد (إلا) مشبه بالظرف المختص الذي لا يصل فيه الفعل إلا بواسطة حرف الجر ،
__________________
٨٨٢ ـ تفرد به السيوطي في همع الهوامع ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٤٣.