وقد أبدل منه ، وشرط بعض القدماء للإتباع عدم صلاحية المستثنى منه للإيجاب كأحد ونحوه ، ورد بالسماع قال تعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) [النساء : ٦٦].
وشرط الفراء لجواز النصب فيما اختير فيه الإتباع أن يكون المستثنى منه معرفة ، ورد بالسماع قال تعالى : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) [هود : ٨١] ، فيمن نصب ، وحكى سيبويه ما مررت بأحد إلا زيدا ، وما أتاني أحد إلا زيدا ، واختار ابن مالك النصب في المتراخي نحو : ما ثبت أحد في الحرب ثباتا نفع الناس إلا زيدا ، ولا تنزل على أحد من بني تميم إن وافيتهم إلا قيسا ، قال : لأنه قد ضعف التشاكل بالبدل لطول الفصل بين البدل والمبدل منه ، قال أبو حيان : وهذا الذي ذكره لم يذكره أصحابنا ، واختار ابن مالك أيضا النصب فيما ورد به كلام تضمن الاستثناء ، كقول القائل : قاموا إلا زيدا ، وأنت تعلم أن الأمر بخلافه فتقول : ما قام القوم إلا زيدا فتنصب ولا ترفع ؛ لأنه غير مستقل والبدل في حكم الاستقلال ، قال أبو حيان : وهذا أيضا لم يذكره أصحابنا ، إلا أن ابن عصفور حكى نحوه عن ابن السراج ورده ، وإذا أتبع المجرور ب : (من) أو الباء الزائدتين أو اسم (لا) الجنسية تعين اعتبار المحل نحو : ما في الدار من أحد إلا زيد ، (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) [:] ، وليس زيد بشيء إلا شيئا لا يعبأ به ، ولا إله إلا الله.
وإنما لم يجز الإتباع على اللفظ ؛ لأنها لا تعمل في المعرفة سوى الباء ، ولا في الموجب ، وأجازه الكوفيون في مجرور (من) إذا كان المستثنى نكرة ، وأجاز الأخفش ولو كان معرفة بناء على رأيه من جواز زيادة (من) في المعرفة والموجب وأنشد عليه قوله :
٨٨٣ ـ وما بالرّبع من أحد |
|
إلّا الأواريّ ... |
بالخفض ، وعلم من القيود أن المتصل والمنقطع المقدم والمؤخر الموجب لا يختار فيه الإتباع ، بل يجب النصب في الثلاثة في اللغة الشهيرة نحو : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) [النساء : ١٥٧].
٨٨٤ ـ وما لي إلّا آل أحمد شيعة
__________________
٨٨٣ ـ تقدم البيت برقم (٨٨١).
٨٨٤ ـ البيت من الطويل ، وهو للكميت في شرح هاشميات الكميت ص ٥٠ ، والإنصاف ١ / ٢٧٥ ، وتخليص الشواهد ص ٨٢ ، والخزانة ٤ / ٣١٤ ، ٣١٩ ، ٩ / ١٣٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٣٥ ، وشرح التصريح ١ / ٣٥٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٤١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٤٦ ، واللسان مادة (شعب) ، واللمع ص ١٥٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١١١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٦٨.