ثالثها : أن يكون مجابا به ك : زيدا لمن قال : من رأيت ؛ إذ لو حذف لم يحصل جواب.
رابعها : أن يكون محصورا نحو : ما ضربت إلا زيدا ؛ إذ لو حذف لأفهم نفي الضرب مطلقا والمقصود نفيه مقيدا.
خامسها : أن يكون عامله حذف نحو : خيرا لنا وشرا لعدونا ؛ لئلا يلزم الإجحاف.
سادسها : إذا كان المبتدأ غير (كل) ، والعائد المفعول نحو : زيد ضربته ، فلا يقال اختيارا : زيد ضربت بحذف العائد ورفع زيد ، بل يجب عند الحذف نصب زيد ، قال الصفار : وأجاز سيبويه في الشعر (زيد ضربت) ، ومنع ذلك الكسائي والفراء وأصحاب سيبويه ، حكي عن أبي العباس أنه قال : لا يضطر شاعر إلى هذا ؛ لأن وزن المرفوع والمنصوب واحد.
ونقل عن هشام أنه أجاز زيد ضربت في الاختيار ، هكذا نقل أبو حيان ، ونقل ابن مالك عن البصريين الجواز في الاختيار ، وعن الكوفيين المنع إلا في الشعر ، والله أعلم.
الثانية : إذا حذف المفعول نوي لدليل عليه نحو : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [هود : ١٠٧] ، أي : لما يريده ، وقد لا ينوى إما لتضمين الفعل المتعدي معنى يقتضي اللزوم ، كما يضمن اللازم معنى يقتضي التعدية كتضمن (أصلح) معنى (الطف) في قوله تعالى : (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) [الأحقاف : ١٥] ، أي : الطف بي فيهم ، وإما للإيذان بالتعميم نحو : (يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨] يعطي ويمنع ، ويصل ويقطع ، وإما لبعض الأغراض السابقة في حذف الفاعل كالإيجاز في (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) [التغابن ١٦] ، والمشاكلة في (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) [النجم ٤٢ ـ ٤٣] ، والعلم في (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) [البقرة : ٢٤] ، والجهل في قولك : ولدت فلانة وأنت لا تدري ما ولدت ، وعدم قصد التعيين في (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً) [الفرقان : ١٩] ، والتعظيم في (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة : ٢١] ، والخوف في أبغضت في الله ولا تذكر المبغوض خوفا منه.
الثالثة : إذا حذف المفعول بعد (لو) فهو المذكور في جوابها غالبا نحو : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) [يونس : ٩٩] ، أي : ولو شاء إيمان من في الأرض ، (لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) [الرعد : ٣١] ، أي : لو يشاء هدى الناس ، وقد لا يكون كذلك