والتحقيق :
إن القصّة واحدة لا متعددة ، فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج في تلك الواقعة إلى المسجد ونحى أبابكر عن المحراب ، وصلى بالناس بنفسه وكان هو الإمام وصار أبوبكر ماموماً ....
هذا هو التحقيق بالنظر إلى الوجوه المذكورة ، وفي متون الأخبار ، وفي تناقضات القوم ، وفي ملابسات القصّة ... ثم وجدنا إمام الشافعية يصرّح بهذا الذي انتهينا إليه ... قال ابن حجر :
« صرح الشافعي بانه صلى الله عليه [وآله] وسلم لم يصل بالناس في مرض موته في المسجد إلا مرّة واحدة ، وهي هذه التي صلى فيها قاعدا ، وكان أبوبكر فيها أوّلاً إماماً ثمّ صار ماموماً يسمع الناس التكبير » (١).
ثم إن هذا الذي صرح به الشافعي من أن أبابكر « صار ماموماً يسمع الناس التكبير » مما شق على كثيرمن القوم التصريح به ، فجعلوا يتبعون أهواءهم في رواية الخبر وحكاية الحال ، فانظر إلى الفرق بين عبارة الشافعي وما جاء مشابها لها في بعض الأخبار ، وعبارة من قال :
« فكان أبوبكر يصلّي بصلاة رسول الله وهو جالس ، وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر ».
ومن قال :
« فكان أبوبكر يصلي قائماً ، وكان رسول الله يصلي قاعداً ، يقتدي أبوبكر بصلاة رسول الله ، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر ».
ومن قال :
« فصلى قاعداً وأبوبكر يصلي بالناس ، والناس خلف أبي بكر ».
__________________
(١) فتح الباري ٢ / ١٣٨.