ذكر مشاهده المكرمة
وآثاره المعظمة
فأولها مشهد رأس يحيى بن زكرياء ، عليهما السلام ، وهو مدفون بالجامع المكرم في البلاط القبلي قبالة الركن الأيمن من المقصورة الصحابية ، رضي الله عنهم ، وعليه تابوت خشب معترض من الأسطوانة ، وفوقه قنديل كأنه من بلور مجوف كأنه القدح الكبير ، لا يدرى أمن زجاج عراقي أم صوري هو أم من غير ذلك. ومولد إبراهيم ، صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا الكريم ، وهو بصفح جبل قاسيون عند قرية تعرف ببرزة ، وهي من أجمل القرى. وهذا الجبل مشهور بالبركة في القديم لأنه مصعد الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، ومطلعهم وهو في الجهة الشمالية من البلد وعلى مقدار فرسخ. وهذا المولد المبارك غار مستطيل ضيق ، وقد بني عليه مسجد كبير مرتفع ، مقسم على مساجد كثيرة كالغرف المطلة ، وعليه صومعة عالية. ومن ذلك الغار رأى ، صلى الله عليه وسلم ، الكوكب ثم القمر ثم الشمس ، حسبما ذكره الله تعالى في كتابه عز وجل. وفي ظهر الغار مقامه الذي كان يخرج إليه. وهذا كله ذكره الحافظ محدث الشام أبو القاسم بن هبة الله بن عساكر الدمشقي في تاريخه في أخبار دمشق ، وهو ينيف على مئة مجلد. وذكر أيضا أن بين باب الفراديس ، وهو أحد أبواب البلد ، وفي الجهة الشمالية من الجامع المبارك ، على مقربة منه إلى جبل قاسيون ، مدفن سبعين ألف نبي ، وقيل : سبعون ألف شهيد ، وأن الأنبياء المدفونين به سبعمائة نبي ، والله أعلم.
قاسيون وما حوله
وخارج هذا البلد الجبانة العتيقة ، وهي مدفن الأنبياء والصالحين ، وبركتها شهيرة. وفي طرفها مما يلي البساتين وهذه من الأرض متصلة بالجبانة ، ذكر أنها مدفن سبعين نبيا. وعصمها الله ونزهها من أن يدفن فيها أحد ، والقبور محيطة بها ، وهي لا تخلو من الماء حتى عادت قرارة له ، كل ذلك تنزيه من الله تعالى لها.