الحساب ، وسحيق المآب. ونسأل الله عز وجل أن يثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ، ولا يعدل بنا عن الملة الحنفية ، وأن يتوفانا مسلمين ، بفضله ورحمته.
وهذا الخنزير صاحب عكة ، المسمى عندهم بالملك ، محجوب لا يظهر ، وقد ابتلاه الله بالجذام ، فعجل له سوء الانتقام ، وقد شغلته بلواه في صباه ، عن نعيم دنياه ، فهو فيها يشقى ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى. وحاجبه وصاحب الحال عوضه خاله القومس ، وهو صاحب المجبى ، وإليه ترتفع الأموال. والمشرف على الجميع بالمكانة والوجاهة وكبر الشأن في الإفرنجية اللعينة ، القومس اللعين ، صاحب طرابلس وطبرية. وهو ذو قدر ومنزلة عند الإفرنج ، وهو المؤهل للملك والمرشح له ، وهو موصوف بالدهاء والمكر. وكان أسيرا عند نور الدين نحو اثنتي عشرة سنة أو أزيد ، ثم تخلص بمال عظيم بذل في نفسه مدة صلاح الدين وعند أول ولايته ، وهو معترف لصلاح الدين بالعبودية والعتق.
وعلى بادية طبرية ، اختلاف القوافل من دمشق لسهولة طريقها. ويقصد بقوافل البغال على تبنين لوعورتها وقصد طريقها. وبحيرة طبرية مشهورة ، وهي ماء عذب ، وسعتها نحو ثلاثة فراسخ أو أربعة ، وطولها نحو ستة فراسخ. والأقوال فيها تختلف ، وهذا القول أقربها إلى الصحة ، لأنا لم نعاينها ، وعرضها أيضا مختلف سعة وضيقا. وفيها قبور كثيرة من قبور الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، كشعيب وسليمان ويهوذا وروبيل وابنة شعيب زوج الكليم موسى ، وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وجبل الطور منها قريب.
وبين عكة وبيت المقدس ثلاثة أيام. وبين دمشق وبينه مقدار ثمانية أيام ، وهو بين المغرب والقبلة من عكة إلى جهة الإسكندرية. والله يعيده إلى أيدي المسلمين ، ويطهره من أيدي المشركين ، بعزّته وقدرته.
وهاتان المدينتان ، عكة وصور ، لا بساتين حولهما ، وإنما هما في بسيط من الأرض أفيح متصل بسيف البحر ، والفواكه تجلب إليهما من بساتينهما التي بالقرب منهما ، ولهما عمالة متسعة ، والجبال التي تقرب منهما معمورة بالضياع ، ومنها تجبى الثمرات إليهما. وهما من غر البلاد. ولعكة في الشرق منها ، مع آخر البلد ، واد يسيل ماء. ولها مع