شاطئه مما يتصل بالبحر بسيط رمل لم ير أجمل منه منظرا ولا ميدان للخيل يشبهه. وإليه ركوب صاحب البلد كل بكرة وعشية ، وبه يجتمع العسكر ، دمره الله. ولصور عند بابها البري عين معينة ينحدر إليها على أدراج. والآبار والجباب بها كثيرة لا تخلو دار منها ، والله تعالى يعيد إليها وإلى أخواتها كلمة الإسلام بمنّه وكرمه.
وفي يوم السبت الثامن والعشرين لجمادى المذكورة ، والسادس لأكتوبر ، صعدنا المركب ، وهو سفينة من السفن الكبار ، بمنة الله على المسلمين بالماء والزاد ، وحاز المسلمون مواضعهم بانفراد عن الإفرنج. وصعده من النصارى المعروفين بالبلغربين ، وهم حجاج بيت المقدس ، عالم لا يحصى ينتهي إلى أزيد من ألفي إنسان ، أراح الله من صحبتهم بعاجل السلامة ومأمول التسهيل والصنع الجميل بمنّه وكرمه ، لا معبود سواه. ونحن به منتظرون موافقة الريح وكمال الوسق ، بمشيئة الله عزّ وجل.
شهر رجب الفرد
عرفنا الله بركته ويمنه
استهل هلاله ليلة الثلاثاء ، بموافقة التاسع لشهر أكتوبر ، ونحن على ظهر المركب بمرسى عكة منتظرون كمال وسقه والإقلاع باسم الله تعالى وبركته ، وجميل صنعه ، وكريم مشيئته. وتمادى مقامنا فيه مدة اثني عشر يوما ، لعدم استقامة الريح.
وفي مهب الريح بهذه الجهات سر عجيب ، وذلك أن الريح الشرقية لا تهب فيها إلا في فصلي الربيع والخريف ، والسفر لا يكون إلا فيهما ، والتجار لا ينزلون إلى عكة بالبضائع إلا في هذين الفصلين. والسفر في الفصل الربيعي من نصف أبريل ، وفيه تتحرك الريح الشرقية وتطول مدتها إلى آخر شهر مايه ، وأكثر وأقل بحسب ما يقضي الله تعالى به. والسفر في الفصل الخريفي من نصف أكتوبر ، وفيه تتحرك الريح الشرقية ، ومدتها أقصر من المدة الربيعية ، وإنما هي عندهم خلسة من الزمان قد تكون خمسة عشر يوما وأكثر وأقل. وما سوى ذلك من الزمان فالرياح فيه تختلف ، والريح الغربية أكثرها دواما. فالمسافرون إلى المغرب وصقلية وبلاد الروم ينتظرون هذه الريح