النخل. فإذا فرغوا من إنشاء الجلبة على هذه الصفة ، سقوها بالسمن أو بدهن الخروع أو بدهن القرش ، وهو أحسنها. وهذا القرش حوت عظيم في البحر ، يبتلع الغرقى فيه. ومقصدهم في دهان الجلبة ليلين عودها ويرطب ، لكثرة الشعاب المعترضة في هذا البحر. ولذلك لا يصرفون فيه المركب المسماري.
وعود هذه الجلاب مجلوب من الهند واليمن ، وكذلك القنبار المذكور. ومن أعجب أمر هذه الجلاب أن شرعها منسوجة من خوص شجر المقل. فمجموعها متناسب في اختلال البنية ووهنها ، فسبحان مسخرها على تلك الحال والمسلم فيها ، لا إله سواه.
ولأهل عيذاب في الحجاج أحكام الطواغيت. وذلك أنهم يشحنون بهم الجلاب حتى يجلس بعضهم على بعض ، وتعود بهم كأنها أقفاص الدجاج المملوءة ، يحمل أهلها على ذلك الحرص والرغبة في الكراء حتى يستوفي صاحب الجلبة منهم ثمنها في طريق واحدة. ولا يبالي بما يصنع البحر بها بعد ذلك ، ويقولون : علينا بالألواح ، وعلى الحجاج بالأرواح. وهذا مثل متعارف بينهم. فأحق بلاد الله بحسبة يكون السيف درتها هذه البلدة ، والأولى بمن يمكنه ذلك أن لا يراها وأن يكون طريقه على الشام إلى العراق ، ويصل مع أمير الحاج البغدادي ، وإن لم يمكنه ذلك أولا فيمكنه آخرا عند انفضاض الحاج ، يتوجه مع أمير الحاج المذكور إلى بغداد ، ومنها إلى عكة. فإن شاء دخل منها إلى الإسكندرية ، وإن شاء إلى صقلية أو سواهما. ويمكن أن يجد مركبا من الروم ، يقلع إلى سبتة أو سواها من بلاد المسلمين. وإن طال طريقه بهذا التحليق ، فيهون لما يلقى بعيذاب ونحوها.
وأهلها الساكنون بها من قبيل السودان يعرفون بالبجاة ، ولهم سلطان من أنفسهم يسكن معهم في الجبال المتصلة بها. وربما وصل في بعض الأحيان ، واجتمع بالوالي الذي فيها من الغز إظهارا للطاعة. ومستنابه مع الوالي في البلد ، والفوائد كلها له إلا البعض منها. وهذه الفرقة من السودان المذكورين فرقة أضل من الأنعام سبيلا وأقل عقولا ، لا دين لهم سوى كلمة التوحيد التي ينطقون بها إظهارا للإسلام. ووراء ذلك من مذاهبهم الفاسدة وسيرهم ، ما لا يرضى ولا يحل. ورجالهم ونساؤهم يتصرفون