وأول ما يلقى الداخل على الباب عن يساره الركن الذي خارجه الحجر الأسود ، وفيه صندوقان فيهما مصاحف ، وقد علاهما في الركن بويبان من فضة كأنهما طاقان ملصقان بزاوية الركن. وبينهما وبين الأرض أزيد من قامة. وفي الركن الذي يليه وهو اليماني كذلك ، لكنهما انقلعا وبقي العمود الذي كانا ملصقين عليه. وفي الركن الشامي كذلك ، وهما باقيان. وفي جهة الركن العراقي كذلك. وعن يمينه الركن العراقي وفيه باب يسمى بباب الرحمة يصعد منه سطح البيت المكرم. وقد قام له قبو فهو متصل بأعلى سطح البيت داخله الأدراج. وفي أوله البيت المحتوي على المقام الكريم. فتجد للبيت الكريم بسبب هذا القبو خمسة أركان ، وفي سعة صفحيه قامتان ، وهو محتو على الركن العراقي بنصفين من كل صفح ، وثلثا قناة هذا القبو مكسوان بستر الحرير الملون كأنه قد لف فيه ثم وضع.
وهذا المقام الكريم الذي داخل هذا القبو هو مقام إبراهيم ، صلى الله على نبينا وعليه ، وهو حجر مغشى بالفضة ، وارتفاعه مقدار ثلاثة أشبار ، وسعته مقدار شبرين ، وأعلاه أوسع من أسفله ، فكأنه ، وله التنزيه والمثل الأعلى ، كانون فخار كبير أوسطه يضيق عن أسفله وعن أعلاه ، عايناه وتبركنا بلمسه وتقبيله ، وصب لنا في أثر القدمين المباركتين ماء زمزم فشربناه ، نفعنا الله به. وأثرهما بين وأثر الأصابع المكرمة المباركة.فسبحان من ألانه لواطئه حتى أثرت فيه ولا تأثير القدم في الرمل الوثير ، سبحان جاعله من الآيات البينات. ولمعاينته ومعاينة البيت الكريم هول يشعر النفوس من الذهول ويطيش الأفئدة والعقول ، فلا تبصر إلا لحظات خاشعة ، وعبرات هامعة ، ومدامع باكية ، وألسنة إلى الله ، عز وجل ، ضارعة داعية.
وبين الباب الكريم والركن العراقي حوض طوله اثنا عشر شبرا ، وعرضه خمسة أشبار ونصف ، وارتفاعه نحو شبر ، متصل من قبالة عضادة الباب التي تلي الركن المذكور آخذا جهته ، وهو علامة موضع المقام مدة إبراهيم ، عليه السلام ، إلى أن صرفه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إلى الموضع الذي هو الآن مصلى. وبقي الحوض المذكور مصبا لماء البيت إذا غسل ، وهو موضع مبارك ، يقال : إنه روضة من رياض الجنة ، والناس يزدحمون للصلاة فيه ، وأسفله مفروش برملة بيضاء وثيرة.
وموضع المقام الكريم هو الذي يصلى خلفه ، يقابل ما بين الباب الكريم والركن