كذلك أيضا. وعلى رأسها لوح ذهب خالص إبريز (١) في سعته مقدار شبرين. وللباب نقارتا فضة كبيرتان يتعلق عليهما قفل الباب ، وهو ناظر للشرق ، وسعته ثمانية أشبار ، وطوله ثلاثة عشر شبرا ، وغلظ الحائط الذي ينطوي عليه الباب خمسة أشبار.
وداخل البيت الكريم مفروش بالرخام المجزع ، وحيطانه رخام كلها مجزّع. قد قام على ثلاثة أعمدة من الساج (٢) مفرطة الطول ، وبين كل عمود وعمود أربع خطا. وهي على طول البيت متوسطة فيه. فأحد الأعمدة ، وهو أولها ، يقابل نصف الصفح الذي يحف به الركنان اليمانيان. وبينه وبين الصفح مقدار ثلاث خطا. والعمود الثالث ، وهو آخرها ، يقابل الصفح الذي يحف به الركنان العراقي والشامي.
ودائر البيت كله من نصفه الأعلى مطلي بالفضة المذهبة المستحسنة ، يخيل للناظر إليها أنها صفيحة ذهب لغلظها. وهي تحف بالجوانب الأربعة وتمسك مقدار نصف الجدار الأعلى.
وسقف البيت مجلل بكساء من الحرير الملون. وظاهر الكعبة كلها من أربعة الجوانب مكسو بستور من الحرير الأخضر وسداها قطن وفي أعلاها رسم بالحرير الأحمر فيه مكتوب : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ)(٣) ، واسم الإمام الناصر لدين الله في سعته قدر ثلاثة أذرع يطيف بها كلها. قد شكل في هذه الستور من الصنعة الغريبة التي تبصرها أشكال محاريب رائقة ، ورسوم مقروءة مرسومة بذكر الله تعالى ، وبالدعاء للناصر العباسي المذكور الآمر بإقامتها ، وكل ذلك لا يخالف لونها. وعدد الستور من الجوانب الأربعة أربعة وثلاثون سترا. وفي الصفحين الكبيرين منها ثمانية عشر ، وفي الصفحين الصغيرين ستة عشر ، وله خمسة مضاوئ ، وعليها زجاج عراقي بديع النقش ، أحدها في وسط السقف ، ومع كل ركن مضوأ ، والواحد منها لا يظهر لأنه تحت القبو المذكور بعد. وبين الأعمدة أكواس من الفضة عددها ثلاثة عشر ، وأحدها من ذهب.
__________________
(١) الإبريز : الذهب الخالص ، والكلمة يونانية.
(٢) الساج : نوع من الخشب الصلب ، منبته جنوب شرق آسيا.
(٣) سورة آل عمران : الآية ٩٦.