مقام إبراهيم ، مبعث الرسول ومهبط الروح الأمين ، جبريل بالوحي والتنزيل ، فأوزعنا الله شكر هذه المنة ، وعرفنا قدر ما خصنا به من نعمة ، وختم لنا بالقبول ، وأجرانا على كريم عوائده من الصنيع الجميل ولطيف التيسير والتسهيل بعزته وقدرته ، لا إله سواه.
ذكر المسجد الحرام والبيت العتيق
كرمه الله وشرفه
البيت المكرّم له أربعة أركان. وهو قريب من التربيع. وأخبرني زعيم الشيبيين الذين إليهم سدانة البيت ، وهو محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن من ذرية عثمان بن طلحة بن شيبة بن طلحة بن عبد الدار ، صاحب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وصاحب حجابة البيت : أن ارتفاعه في الهواء من الصفح الذي يقابل باب الصفا ، وهو من الحجر الأسود ، الركن اليماني ، تسعة وعشرون ذراعا وسائر الجوانب ثمانية وعشرون ، بسبب انصباب السطح إلى الميزاب.
فأول أركانه الركن الذي فيه الحجر الأسود ، ومنه ابتداء الطواف ، ويتقهقر الطائف عنه ليمر جميع بدنه به ، والبيت المكرم عن يساره ، وأول ما يلقى بعده الركن العراقي ، وهو ناظر إلى جهة الشمال. ثم الركن الشامي ، وهو ناظر إلى جهة الغرب. ثم الركن اليماني ، وهو ناظر إلى جهة الجنوب. ثم يعود إلى الركن الأسود ، وهو ناظر إلى جهة الشرق. وعند ذلك يتم شوطا واحدا.
وباب البيت الكريم في الصفح الذي بين الركن العراقي وركن الحجر الأسود ، وهو قريب من الحجر بعشرة أشبار محققة. وذلك الموضع الذي بينهما من صفح البيت يسمى الملتزم ، وهو موضع استجابة الدعاء. والباب الكريم مرتفع عن الأرض بأحد عشر شبرا ونصف. وهو من فضة مذهبة ، بديع الصنعة ، رائق الصفة ، يستوقف الأبصار حسنا وخشوعا للمهابة التي كساها الله بيته. وعضادتاه كذلك ، والعتبة العليا