التي منها في دار الندوة ، وهي التي زيدت في الحرم ، وهي داخلة في البلاط الآخذ من الغرب إلى الشمال ، ويقابلها المقام مع الركن العراقي ، وفضاؤها متسع ، يدخل من البلاط إليه. ويتصل بجدار هذا البلاط كله مصاطب تحت قسيّ حنايا ، يجلس فيها النساخون والمقرئون وبعض أهل صنعة الخياطة.
والحرم محدق بحلقات المدرسين وأهل العلم. وفي جدار البلاط الذي يقابله أيضا مصاطب تحت حنايا على تلك الصفة ، وهو البلاط الآخذ من الجنوب إلى الشرق. وسائر البلاطات تحت جدرانها مصاطب دون حنايا عليها ، والبنيان فيها الآن على أكمل ما يكون. وعند باب إبراهيم مدخل آخر من البلاط الآخذ من الغرب إلى الجنوب ، فيه أيضا سوار جصية. ووجدت بخط أبي جعفر بن علي الفنكي القرطبي ، الفقيه المحدث : أن عدد سواريه أربع مئة وثمانون ، لأني لم أحسب التي خارج باب الصفا.
وللمهدي محمد بن أبي جعفر المنصور العباسي في توسعة المسجد الحرام والتأنق في بنائه آثار كريمة. وجدت في الجهة التي من الغرب إلى الشمال مكتوبا في أعلى جدار البلاط : «أمر عبد الله محمد المهدي أمير المؤمنين ، أصلحه الله ، بتوسعة المسجد الحرام ، لحجاج بيت الله وعماره ، في سنة سبع وستين ومائة».
وللحرم سبع صوامع : أربع في أربعة الجوانب ، وواحدة في دار الندوة ، وأخرى على باب الصفا ، وهي أصغرها ، وهي علم لباب الصفا ، وليس يصعد إليها لضيقها ، وعلى باب إبراهيم صومعة قد ذكرت عند باب إبراهيم فيما بعد. وباب الصفا يقابل الركن الأسود بالبلاط الذي من الجنوب إلى الشرق ، وفي وسط البلاط المقابل للباب ساريتان مقابلتان للركن المذكور فيهما منقوش : «أمر عبد الله محمد المهدي أمير المؤمنين ، أصلحه الله ، بإقامة هاتين الأسطوانتين علما لطريق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى الصفا ليتأسى به حاج بيت الله وعماره ، على يدي يقطين بن موسى وإبراهيم بن صالح ، في سنة سبع وستين ومئة».
وفي باب الكعبة المقدسة ، نقش بالذهب رائق الخط طويل الحروف غليظها ، يرتمي الأبصار برونقه وحسنه ، مكتوب فيه : «مما أمر بعمله عبد الله وخليفته الإمام أبو عبد الله محمد أمير المؤمنين ، المقتفي لأمر الله وسنة نبيه ، صلى الله عليه وعلى الأئمة