يلزمهم منا شرعا ثم اشتكيت لأمير مصر حاله حين نزلنا الصفراء فوعدني بالاستخلاص منه عند المدينة ولما وصلنا المدينة ذهبت إليه فأمرنا إلى كيخة الصوان (١) إذ هو الذي يحكم بين العرب وغيرهم فأمرني بترك الثلث من الكراء فلم أرض إلا بالربع فاختفى عند ذلك أيضا فلما شكوت له المرة بعد المرة أمرني بالذهاب إلى آغة عسكر المغربي فأمرني بترك الثلث أيضا وظننت فيه وفيمن سبق عدم نصحي فلم يكن الأمر كذلك بل نصحاني جازاهما الله خيرا ولما امتنعت هرب واختفى ولم أجد له خبرا إلا عند الصفراء فوجدته مارا ومسكته عند الظهر فضاقت حيلته ولم يجد سبيلا وأتى أهله لتسريحه فامتنعت من أطلاقه حتى آخذ ما أعطيت له وهو تسعون ريالا بوطاقة ولما حان وقت الظهر ذهبت للصلاة وخفت أن يهرب وتركته في خيمة الفاضل الكامل سيدي عبد الرحمن بن قري وأصحابه الحاج محمود والحاج بلقاسم بن دحمان اليعلاوي مسكوه فلما قاموا إلى الصلاة تركوه في يد شيال آخر فهرب منه فتبعه فاختفى فلم يلق له أثر واختفى في الركب المصري فأدرت أن أغرم الذي تفلت من يده ظنا مني انه هو الذي أفلته فأصابتني شفقة عليه حين رأيته يبكي ويحلف أنه ما تفلت منه اختيارا ثم لما ارتحل الركب المصري ولم يبق منه أحد وتبعه المغربي ولم يبق منه شخص وبقي العبد وابنه وتخلفنا لكثرة الدبش وقلة الأصحاب إذ منهم مريض ومن لا يستطيع الخدمة مع ضعف النساء ومرضهن فاحتجنا لكثرة اليد غير أن الله تبارك وتعالى عصمنا من تكشيط العرب وسبلهم لنا إذ كل من مر منهم يقول لنا شيلوا بسرعة واحفظوا أنفسكم.
ولما انفصل المرحول من مدشر الصفراء تخلفت مع بعض الناس من الركب الفلاللي وقع بهم ما وقع بنا من التخلف غير أن المراحل شبقت ووصلت إلى الركب
__________________
(١) في ثلاث نسخ السيوان وفي نسخة الصيوان.