هي الأراضي المقدسة انطلاقا من مكة المكرمة ، وكذلك كانت نهايتها في مكة المكرمة. فهي بشكل تقريبي سياحة روحية لكسب المعرفة وتعزيز الشعور الديني ، ولذا فإنه يهتم كثيرا بزيارة قبور الأنبياء عليهمالسلام والصحابة والأولياء الكرام ، ذاكرا مشاهداته بتفصيل محب في ثنايا عرضه لخط رحلته. ودلالة على الأهمية المركزية لهذه المزارات نجده يعود ويفرد لها فصل خاصا يجمع فيها تلك المزارات وأماكنها تسهيلا للمطالع للكتاب. وعند ما لا يتمكن من الوصول إلى بعض المزارات في الشام ، نجده يعتذر بشدة عن تقصير اضطر إليه بسبب عارض المواصلات ، يقول : «وما بين بيروت ودمشق يذكرون قبور أنبياء منهم إلياس وشيث عليهماالسلام وهما في ناحية من الطريق ، هكذا أخبرونا لأننا مررنا بعيدا عنها ، ولم يمكن لنا الوصول إليها لحثّ (١) أهل الكروسة لا يمكنهم الانتظار ، ولأجل ذلك صحّ لنا مانع ، وقرأنا لهم الفاتحة من بعد ، ونرجو من الله القبول».
وملمح آخر من ملامح شخصية الكاتب مما يفهم من هذه الرحلة هو حب الاستطلاع والنزوع إلى المغامرة المحسوبة في بعض المواقف مما يعطي النص بعدا شائقا إضافيا. ومن بين تلك المواقف ما يحكيه
__________________
(١) الحثّ : العجلة.