ورأينا أهرام مصر وهي من عجائب الدنيا ، وأعجبها الهرمان القريبان لمصر المنسوبان لشدّاد بن عاد ، وقد رأينا في بعض التواريخ أن الذي بناها هو سوربد أحد ملوك مصر قبل الطوفان بثلاث مائة عام ، لأنه كان قد رأي في منامه كأن الأرض انقلبت بأهلها ، وكأن الناس قد هربوا على وجوههم ، وكأن الكواكب تتساقط ويصدم بعضها بعضا بأصوات هائلة. فأهمل ذلك ولم يذكره لأحد وعلم أنه سيحدث أمر عظيم. ثم إنه رأى من بعد ذلك في الليلة الثالثة بأن الكواكب الثانية نزلت إلى الأرض في صورة طيور بيض وكأنها تخطف الناس وتلقيهم بين جبلين عظيمين ، وكأن الكواكب المنيرة مظلمة مكسوفة ، فأنتبه بعد ذلك فزعا مرعوبا ، فأمر بعد ذلك بعمل الأهرام.
ولما شرع في بنائها أمر بقطع الأسطوانات العظام واستخراج الرصاص بأرض المغرب وإحضار الصخور من ناحية أسوان ، فبنى بها أساس الأهرام الثلاثة الشرقي والغربي والملوّن. وكانوا يمدون البلاطة ويثقبونها ويجعلون بوسطها قضيبا من حديد إلى أن أكملت. وجعل ارتفاع كل هرم مائة ذراع ملكي ، والذراع الملكي خمسة أذرع بذراعنا الآن. وجعل جهاته مائة ذراع بذراع العمل ،