(و) الثانى (نحو قوله تعالى : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)(١) ومن الطباق) ما سماه بعضهم تدبيجا ؛ من دبج المطر الأرض ؛ إذا زينها ؛ وفسره بأن يذكر فى معنى من المدح ، أو غيره ألوان لقصد الكناية ، أو التورية ، ...
______________________________________________________
المحرمة لا باطنا وهى كونها مزرعة للآخرة. والشاهد فى قوله : (لا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظاهِراً)(٢) فإن العلم الأول منفى والثانى مثبت ، وبين النفى والإثبات تقابل فى الجملة أى باعتبار أصلهما لا باعتبار الحالة الراهنة ؛ لأن المنفى علم ينفع فى الآخرة والمثبت علم لا ينفع فيها ولا تنافى بينهما.
(قوله : والثانى) وهو أن يكون أحدهما أمرا والآخر نهيا (قوله : نحو قوله تعالى) أى ونحو اضرب زيدا ولا تضرب عمرا (قوله : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)) من المعلوم أن الخشية لا يؤمر بها وينهى عنها من جهة واحدة بل من جهتين كما فى الآية ، فقد أمر بها باعتبار كونها لله ونهى باعتبار كونها للناس ، فالتنافى بين الأمر والنهى إنما هو باعتبار أصلهما لا باعتبار مادة استعمالهما فتأمل.
(قوله : ومن الطباق ما سماه بعضهم تدبيجا) إنما جعله من أقسام الطباق ولم يجعله وجها مستقلا برأسه من أوجه المعنوى لدخوله فى تعريف الطباق ، لما بين اللونين أو الألوان من التقابل (قوله : من دبج المطر الأرض إذا زينها) أى بألوان النبات ، فذكر الألوان فى الكلام تشبيه بما يحدث بالمطر من ألوان النبات ، أو أنه مأخوذ من الدبج وهو النقش ؛ لأن ذكر الألوان كالنقش على البساط (قوله : وفسره) أى وفسر ذلك البعض التدبيج (قوله : أو غيره) كالهجاء والرثاء والغزل (قوله : لقصد الكناية أو التورية) أى : بالكلام المشتمل على تلك الألوان ، وأو مانعة خلو فتجوز الجمع كما فى مثال الحريرى الآتى ، واحترز بقوله لقصد الكناية أو التورية عن ذكر الألوان لقصد الحقيقة ، فلا تكون من المحسنات ؛ لأن الحقيقة يقصد منها إفادة المعنى الأصلى ، وعن ذكرها لقصد المجاز كأن يذكر ألوانا وينصب قرينة تمنع من إرادتها بحيث لم يتحقق الجمع بين الألوان إلا فى
__________________
(١) المائدة : ٤٤.
(٢) الروم : ٧ ، ٦.