أسرته المعروف من جهة واقتداء بسيرة أبيه العلمية ومجالسه وتأثيره من جهة أخرى ـ ليكون حلقة أصيلة في هذه السلسلة العريقة بعد ذلك.
وبالنظر لسعة علم والده ، وتشعب معارفه ، وشهرة مجالسه ، فقد اكتفى ولده ـ كما تقدم ـ بالأخذ عنه دون غيره ، فكان من نتيجة ذلك أن بقي في دائرة معارف أبيه وطرائقه ، مما حدا ببعضهم إلى أن ينسب إلى أبي سعيد من مؤلفات ابنه ما ينم عن جودة وإتقان ، ومنه كتابه محور بحثنا «شرح أبيات كتاب سيبويه» (١) ، كما كان من نتائج ذلك تعمده إغفال ذكر أبيه في هذا الشرح على الأقل ، مكتفيا عند الضرورة بعبارة (قيل فيه ..) في محاولة للتأكيد على أنها ثماره الخاصة ، ونتاجه الشخصي.
وإغفال ذكر الشيوخ ممن سمع عنهم ، أمر لم نألفه في المؤلفات القائمة بذاتها ، فكيف بكتاب يشرح لغيره ، وينظر في الشروح المتقدمة. وقد سبقه أبوه إلى شرح كتاب سيبويه «من أوله إلى آخره ، بغريبه ، وأمثاله ، وشواهده ، وأبياته» (٢).
علومه :
وهكذا تحددت طريق أبي محمد في خلال تحصيله ، فقد برع في ميداني النحو واللغة فذكر بهما ، وأكدت ذلك دروسه ، ثم نطقت به تآليفه.
«فهو عالم بالنحو» وأتم بعد أبيه كتاب «الإقناع في النحو .. وإذا تأملته لم تجد بين اللفظين والقصدين تفاوتا كثيرا» وكذلك «كانت كتب اللغة تقرأ عليه مرة رواية ، ومرة دراية ، وقرىء عليه كتاب (البارع) للمفضل بن سلمة ، وهو
__________________
(١) معجم الأدباء ٨ / ١٤٩ وبغية الوعاة ١ / ٥٠٨
(٢) الإمتاع والمؤانسة ١ / ١٣١