وتوالت رسائلي إلى المكتبة في استانبول طوال ثلاثة أعوام ، إلى أن أبلغت بخلو مكتبتهم من نسخة لشرح ابن السيرافي ، تلك التي أطلبها ..
وفي كل حال فإن نسختنا قيّمة نفيسة ، يشهد لها بذلك ما يلي :
١ ـ أنها قريبة العهد من حياة مؤلفها المتوفى سنة ٣٨٥ ه فقد ضمّت صفحتها الأخيرة ما يشير إلى تاريخ نسخها وهو سنة ٤٤٣ ه مما يشير إليه السهم في صورتها على الصفحة السابقة.
٢ ـ أنها تامة سليمة الخط لا ينقصه الوضوح.
٣ ـ ما بدا من علم ناسخها وسداد معرفته : في صواب عباراته ، وصحة ألفاظه ، ودقة رسمه.
طبعات الكتاب :
بقي هذا الشرح مخطوطا إلى عهد قريب ، غير أنني علمت ـ وقد فرغت من إعداده دراسة وتحقيقا ـ أن الجزء الأول منه قد ظهر مطبوعا في القاهرة بتحقيق الدكتور محمد علي الرّيح هاشم. وإذ تم لي الاطلاع على المطبوع لم أجده مغنيا عن تقديم عملي هذا للطباعة .. وسأكتفي من ملاحظاتي على هذا المطبوع بالنقاط التالية :
ـ ما كان من وقوع المحقق في شباك أبيات سيبويه الخمسين المجهولة القائل ، فكان يشير إلى أن هذا البيت أو ذاك من أبيات سيبويه الخمسين .. مستندا إلى خزانة البغدادي حينا ، وإلى الأستاذ عبد السلام هارون في طبعته لكتاب سيبويه حينا آخر .. من ذلك ما ورد على سبيل المثال في حواشي الصفحات ١٦١ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٧٣ ، ٢٧٩ وغيرها .. فقد غاب عن المحقق ما قدمه ابن السيرافي في هذا الجانب الفسيح من أبيات سيبويه.
ـ غموض منهج التحقيق ؛ ذلك أن كتاب ابن السيرافي في أحد جوانبه كتاب في النحو أولا ، وفي شرح شواهد النحو ثانيا ، وفي شرح شواهد سيبويه على وجه الخصوص. فكان يقدّر لمنهج التحقيق أن يتجه إلى وضعه في مكانه من