قد اكماتّت (١) من ارتفاع النار إليها ، والجون : الأسود ، والجونة : السوداء (٢) يريد أن أسافل الأثافي قد اسودت من انقاد النار بينها ، وأعاليها قد احمرت من ارتفاع النار إليها (٣). والمصطلى. موضع اتقاد النار ، و (كميتا) وصف للجارتين ، (وجونتا) وصف للجارتين أيضا.
وقد ردّ هذا الاستشهاد على سيبويه ، وزعم الرادّ أن الضمير الذي أضيف المصطلى إليه ليس بعائد إلى الموصوف ، بل هو عائد إلى غيره ، ومثلوا ذلك بجاءتني امرأتان حسنتا الغلامين كريمتاهما / فالضمير المضاف (كريمتا) إليه هو ضمير الغلامين ليس بضمير المرأتين ، وهذا لا يشبه : مررت بامرأة حسنة وجهها. وعندهم أن الضمير الذي أضيف المصطلى إليه يعود إلى الأعالي.
فقيل لهم : ينبغي على ادعائكم أن يقال : كميتا الأعالي جونتا مصطلاها ، لأن الأعالي جمع. فأجابوا عن هذا بأن قالوا : الأعالي في معنى الأعليين (٤) ، كما قال الله (٥) عز وجل : (فقد صغت قلوبكما (٦) وهو يريد قلبين (٧).
__________________
(١) في المطبوع : اكمأتت ، بالهمز. وليس كذلك في : الصحاح (كمت) ١ / ٢٦٣ والقاموس (الكميت) ١ / ١٥٦ ويبدو أن الشعر قد دعاهم إلى مثل هذا الهمز فيه. انظر (صيغة افعألّ في العربية) للدكتور رمضان عبد التواب في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق الجزء الثالث من المجلد الثامن والأربعين.
(٢) هي من الأضداد. وتطلق على : الأحمر والأبيض والأسود والنهار. انظر الأضداد لابن الدهان ص ٨ والقاموس (الجون) ٤ / ٢١١.
(٣) ساقطة في المطبوع.
(٤) في المطبوع : الأعلين.
(٥) ليست في المطبوع.
(٦) سورة التحريم ٦٦ / ٤
(٧) أورد البغدادي حول هذه المسألة جملة من آراء النحويين كالسيرافي والفارسي وابن السراج .. وكلها تردّ قول من جعل ضمير (مصطلاهما) يعود إلى الأعالي لفساد المعنى ، دون أن يذكر اسم الرادّ على سيبويه. وزعم بعضهم أنه المبرد ، ورد أبو علي بأنه : لا يعرف قائله وليس المبرد. وقال البغدادي : «والشارح المحقق قال : هو المبرد». قصد به الاستراباذي. انظر الخزانة ١ / ١٢ قلت : ولم أجد هذا الشاهد فيما مررت به من كتب المبرد. انظر الخزانة ٢ / ١٩٩ وما بعدها.