وهذا الذي تأولوه يضعف في المعنى ، لأنّ الأعالي هي أعلى هاتين (١) الأثفيّتين ، والمصطلى : الموضع الذي تصيبه النار من الأثفيّتين ، والأثفيّتان لهما مصطلى وأعال ، والأعالي لا مصطلى لها ، ومثل هذا أنّا نقول : أسفل الأثفيتين ، وأعلى الأثفيتين ، وأوسط الأثفيتين ، وهذه مواضع الأثفيتين يضاف لكل (٢) كل واحد منها إليها. ولو قلنا : أوسط الأعلى وأسفل الأعلى وأوسط الأسفل ، لم يحسن كحسن ما ذكرنا وإن كان على وجه المجاز (٣).
[الفصل بالظرف بين اسم الفاعل ومعموله]
٣ ـ قال سيبويه (١ / ٨٩) : «هذا باب ما جرى مجرى الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين ، في اللفظ لا في المعنى. وذلك قولك :
يا سارق الليلة أهل الدار (٤)»
ثم ساق الكلام إلى أن قال : «ولا يجوز أن تقول : يا سارق الليلة أهل الدار إلا في شعر ، كراهية أن يفصلوا بين الجارّ والمجرور (٥)». قال جبار (٦) بن جزء ابن ضرار ابن أخي الشماخ :
__________________
(١) في الأصل «هذا» ، وهي ساقطة في المطبوع.
(٢) ليست في المطبوع.
(٣) أكد الأعلم ذلك بقوله : «لأن الشاعر لم يرد أن يقسم الأعالي فيجعل بعضها كميتا وبعضها جونا مسودّا ، وإنما قسم الأثفيتين ، فجعل أعلاهما كميتا لبعده عن النار ، وأسفلهما جونا لمباشرته النار» انظر ١ / ١٠٢
(٤) عبارة الكتاب : «هذا باب جرى مجرى الفاعل الذي يتعدى فعله ...».
(٥) نص الكتاب بخلاف لفظي طفيف.
(٦) في الأصل والمطبوع (حيّان) وتبعه في هذه النسبة الكوفي ٦ / أوكذا في أساس البلاغة (عضد) ص ٦٣٦ ، أما في أراجيز العرب ص ١٣٢ فقد نسبها إلى الجميح وهو توهم ، ولكنه الجليح وليس بصاحب هذا الشعر ، بل هو أحد رفاق الرحلة الذي قيل هذا الرجز بسببه وردّا عليه.
ونسبت إلى الشماخ في كل من : الكتاب ١ / ٩٠ وتبعه الأعلم وكذا المبرد في الكامل ١ / ١٩٩ والصواب أنه لجبار بن جزء بن ضرار ابن أخي الشماخ ، كما في الديوان ص ٣٨٩ والخزانة ٢ / ١٧٤ ورغبة الآمل ٢ / ٢٤٩ وانظر مناسبة هذا الرجز وقصته مفصلة في ديوان الشماخ ص ٣٥٣ وما بعدها.