أحدهما : أنه أراد لم يصنع جميعها ولا شيئا منها. والوجه الآخر : أنه صنع بعضها ولم يصنع جميعها ، كما تقول لمن يدّعي عليك أشياء لم تفعل (١) جميعها : ما فعلت جميع ما ذكرت بل فعلت بعضه (٢).
والشاهد (٣) منه أنه حذف الضمير العائد إلى المبتدأ الذي هو «كلّه».
[إعمال صيغة : فعول]
٥ ـ قال سيبويه (١ / ٥٦) قال الراعي (٤) :
ليالي سعدى لو تراءت لراهب |
|
بدومة تجر عنده وحجيج |
__________________
(١) في الأصل والمطبوع : يفعل ، بالياء.
(٢) ذكر ابن السيرافي الوجهين دون ترجيح الفاضل اليمني من ترجيح الرفع خدمة للمعنى بأنه «لو نصبه مع تقدمه على ناصبه لأفاد تخصيص النفي ب. وقد أورد البغدادي جملة أقوال النحويين وغيرهم ، رأيت أصوبها وأرضاها للحس اللغوي ما قاله الكل ، ويعود دليلا على أنه فعل بعض ذلك الذنب ، ومراده تنزيه نفسه عن كل جزء منه ، فلذلك رفعه إيذانا منه بأنه لم يصنع شيئا منه قط ، بل كله بجميع أجزائه غير مصنوع». انظر الخزانة ١ / ١٧٥
(٣) ورد الشاهد في الكتاب أيضا ١ / ٦٩ ، ٧٣ وفي معاني القرآن للفراء ٢ / ٩٥ وعند النحاس ١٤ / أو ٣٥ / ب ، والأعلم ١ / ٤٤ وشرح الأبيات المشكلة للفارقي ١٣٠ وإملاء ما منّ به الرحمن للعكبري ١٢٦ وعند الكوفي ٦ / ب و ٤٥ / ب وشرح السيوطي ش ٣٢١ ص ٥٤٤ وفي الخزانة ١ / ١٧٣ ، ومالوا جميعا إلى رفع (كل) على نية الإضمار في الخبر (لم أصنعه). قلت : وعلى هذا فالضرورة حذف الهاء لا رفع (كل). وقد ضعّف سيبويه (١ / ٤٤) هذا الرفع وجعله بمنزلته في غير الشعر لأن النصب لا يكسر البيت.
(٤) اسمه حصين ، ويقال عبيد بن حصين بن معاوية ، أبو جندل النميري ، شاعر إسلامي مقدم ، لقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل والرعاء. أثار جريرا فهجاه بقصيدته (الفاضحة) التي منها البيت المشهور : فغض الطرف .. (ت سنة ٩٠ ه).
ترجمته في : ألقاب الشعراء (نوادر المخطوطات) ٧ / ٣١٤ والشعر والشعراء ١ / ٤١٥ والأغاني ٢٠ / ١٦٨ والمؤتلف ١٢٢ والعيني ٣ / ٥٣٧ والمزهر ٢ / ٤٤٢ والخزانة ١ / ٥٠٤ ورغبة الآمل ١ / ١٤٦