توطنه بمكة وزواجه فيها ـ أقام بالمدينة على قدم التجرد والوحدة والسياحات ، ثم تزوج بالمدينة في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة الحرة الصالحة العابدة ستيت أم محمد ابنة علي اليماني ، ثم فارقها وارتحل إلى مكة ، ولم يزل يتردد إلى المدينة ويجاور بها ، ومناقبه وكراماته وأقواله وعلومه ومصنفاته ومجاهداته لا يحصرها أحد. ولا تنتهي بالعد ، كما قيل :
يفنى الكلام ، ولا يحيط بوصفه |
|
حسب المبالغ أن يكون مقصرا |
وكثير من الصالحين يشير إلى أنه قطب مكة ، وهو جدير بذلك ، واتفق سنة ست وستين وسبعمائة مجيئه مع القافلة للزيارة ، فجاء بزوجتيه : ابنة القاضي نجم الدين وأم أولاده الشهاب الإمام فتوفيت الأولى في أواخر شعبان ، ثم الثانية في أول ليلة من رمضان ودفنتا في قبلة قبة إبراهيم ابن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما كان بعد العيد خطب إليّ ابنتي ملوك التي كانت زوج عيشي الهشكوري فزوجتها معه ، وجار بركبه ، انتهى. كانت وفاته في جمادى الثانية سنة ثمان وستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بجوار الفضيل بن عياض من المعلاة ، وبيعت حوائجه الحقيرة بأغلى الأثمان بحيث بيع له مئزر عتيق بثلاثمائة درهم وطاقية بمائة. ومن نظمه :
ألا أيها المغرور جهلا بعزلتي |
|
عن الناس ظنا أن ذاك صلاح |
تيقن بأني حارس سر كلبة |
|
عقور لها في المسلمين نباح |
ونادى منادي القوم باللوم معلنا |
|
على يافعي ، ما عليك جناح |
وقوله :
يا غائبا وهو في قلبي يشاهده |
|
ما غاب من لم يزل في القلب مشهودا |
إن فات عيني من رؤياك حظهما |
|
فالقلب قد نال حظا منك محمودا |
وقال شيخي في درره : نشأ على خير وصلاح وانقطاع ، ولم يكن في صباه يشتغل بشيء من القرآن والعلم ودخل مصر ، وزار الشافعي ، وأقام بالقرافة ، وحضر عند حسين الجاكي والشيخ عبد الله المنوفي ، وزار الشيخ محمد المرشدي. وذكر أنه بشر بأمور ، وكان يتعصب للأشعري ، وله كلام في ذم ابن تيمية ولذلك غمزه بعض من يتعصب لابن تيمية من الحنابلة وغيرهم ، وكان منقطع القرين في الزهد. أخبرني شيخي أبو الفضل العراقي : إنه قال لهم في كلام ذكر فيه الخضر إن لم تقولوا أنه حي وإلا غضبت عليكم ، وحفظ عنه تعظيم ابن عربي والمبالغة في ذلك.
١٩٧١ ـ عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الشيرازي الأصل : المدني ، ثم نزيل مكة ،