درسه : لما يسمع منه ، فجلس يوما في درسه فلم ير منهم إلا من لا يؤبه له ، فقال : أين أصحاب اليمين ، أين أصحاب الشمال ، أصحابنا ضد الأنصار يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع ، وقاله بعض الطلبة ، قال الشيخ أبو إسحاق : في هذه المسألة كذا ، فقال : قلقل الله أنيابه ، فقيل له في ذلك : فقال : قلقلت منذ زمان ، وإذا قيل له قال النووي ، كذا يقول : يعلك النوى ، ويقول للمالكية : أنتم تقولون الكلب حيوان ذو صوف ، فلحمه لحم الخروف ، فيتأذون من ذلك ، وكان يحضر درسه أيضا الفقيه الفاضل أبو العباس أحمد الفاسي ، فجلس يوما قريبا منه وكان يتجاهل ، فقال : من هذا؟ ، فقال : أنا أحمد الفاسي : فقال له : من من فسا يفسو فساء فهو فاس ، ولقبه أبو البركات المشار إليه بعد تركه درسه ، وخروجه من المدرسة ، وسكناه رباط وكالة ، فقال له السراج : من هذا؟ وكان يظهر التعامي وقلة السمع ، وما هما به ، فقال : أنا أبو البركات ، فقال : أبو الهلكات ، وأجابه بقوله : طائركم معكم ، وافترقا ولقيه أيضا يوما في الطريق ، فقال له : أنت أبو البركات ، قال : نعم : فقال له : أوحشتنا أوحشنا أنسك ، فقال له أبو البركات :
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا |
|
أن لا تفارقهم فالراحلون هم |
فقال له السراج : فالراحلون أنت ، فافترقا ، وكان يستند في المسجد النبوي بحجر جعل علامة لمجلس القضاة ونحوهم ، وكذا كان يصلي إماما للجماعة في الروضة النبوية صلاة الرغائب التي تصلى ليلة أو جمعة من شهر رجب المنصوص على كونها بدعة لوهائن في حديثها ، ومعارضته بحديث : «لا تخصبوا ليلة الجمعة بقيام» اقتداء بكثير من المتصوفة بها ، وكانوا في أيامه إلى أيام الشرف الأميوطي يرفعون مقام الإمام بالروضة النبوية بشيء من الرمل ، حتى يزول الكراهة أو المنع من ارتفاع المأموم على الإمام ، ثم رام الشرف المذكور إزالة الخشب وما حوله ، وطمس المقام أو رفعه ، فما تمكن من ذلك ، وله ذكر في سليمان الغماري.
٣٢١٣ ـ عمر بن أحمد بن محمد بن أحمد النفطي : أحد الأخوة عبد الله وعبد الرحمن وعبد الوهاب ، ممن سمع على الجمال الكازروني ، وهو أحد شهود الحرم ، وقدما أهله ، ولد تقريبا سنة اثنتين وثماني مائة ، وسمع وقرأ ، وكان يسافر وكيلا لأمير المدينة سليمان بن عزير وأمير الينبوع صخرة بن هجار ، وكثر اختصاصه بإبراهيم بن الجيعان ، بحيث قرر له أشياء ، وكان ضابطا ، اعتمد السيد السمهودي في كثير مما شاهد أو تلقاه عن من يوثق ، كما اعتمد المراغي ...... ، مات بعد أبي الفرج المراغي في سنة إحدى وثمانين ، قبل إكمال الثمانين ، بعد أن كف من سنين ، وهو راض حامد.